أحمد التلاوي:
تصاعدت حدة الأزمة التي تواجهها قطر مع عدد من الدول العربية، على رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر، بعد الإعلان الرباعي المشترك بين القاهرة والمنامة وأبوظبي والرياض، بوضع 59 شخصية و12 كيانًا، من بلدان عربية عدة، من بينها قطر والسعودية والكويت واليمن وليبيا والبحرين، على قائمة الكيانات الإرهابية.
واللافت أن القائمة قد تضمنت اسم عبد الوهاب محمد عبد الرحمن الحميقاني، مستشار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بالرغم من أن الأخير هو حليف الرياض وأبوظبي في الحرب الحالية على اليمن.
جاء ذلك بعد اتساع حملة المقاطعة للدوحة، التي شملت مظاهر متعددة، بدءًا بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، كما فعلت الأردن، وصولاً إلى القطع الكامل للعلاقات، وطرد البعثات الدبلوماسية، وغلق الأجواء والمياه الإقليمية أمام حركة الطائرات والسفن القطرية، ووقف التعامل على الريـال القطري في بنوك بعض الدول العربية، ومنع مواطني هذه الدول من السفر إلى قطر والعكس، كما فعلت مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
كما جاء التطور الأبرز من وجهة نظر مراقبين، هو موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي أيد صراحةً الإجراءات الأخيرة للدول الخليجية الثلاث ومصر، والتي كانت بمثابة حجر “الدومينو” الذي استتبعه مواقف دول أخرى، وقال إن زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، ولقاءه بالعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وقادة عرب ومسلمين آخرين “أتت أُكلها”. وإن الجميع “أشاروا إلى قطر وقالوا إنهم سيتخذون موقفًا حاسمًا من مسألة التمويل وقد تكون هذه بداية النهاية للرعب الذي يبثه الإرهاب”.
وهو ذات الموقف الذي تبنته الدول الأوروبية الكبرى التي زارها وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وإن لم تكن بنفس حدة الموقف الأمريكي؛ حيث دعت موسكو وبرلين وباريس ولندن، الدوحة إلى الاستجابة للمطالب الخليجية برفع الدعم المالي والسياسي والإعلامي المقدَّم لتنظيمات “إرهابية” وجماعات “الإسلام السياسي” المحسوبة على الإخوان المسلمين، وخصوصًا إخوان مصر وحركة “حماس” الفلسطينية، وإن مالت المواقف الأوروبية إلى دعم خيار الحوار وعدم التصعيد، للتوصل إلى حل.
وبعيدًا عن التفاصيل المتعلقة بأسباب الخلافات بين الدول الخليجية والعربية الأهم، مع قطر؛ فإننا، وفي هذا الموضع، نحاول استشراف واقع وآفاق الأزمة اليمنية، على خلفية هذه الأزمة التي لا يبدو أنه سوف تكون لها نهاية قريبة، في ظل عدم وجود أي مؤشر على أن قطر تنوي الاستجابة للمطالب السعودية بالأساس في هذا الصدد، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة غلق وسائل الإعلام التي تعتبرها الرياض وعواصم عربية أخرى، محرضة عليها، وقطع العلاقات مع الإخوان المسلمين، وطرد قياداتهم من الدوحة، وخصوصًا قيادات حركة “حماس”.
في المقابل، قالت مجلة “النيوزويك” الأمريكية، إن الرياض قالت للوسيط الكويتي، إنها ليست متعجلة النتائج، وهو ما يعني فشل الوساطة الكويتية، وما يؤكد ذلك، انضمام الأردن وموريتانيا للدول العربية التي خفضت أو قطعت تمثيلها الدبلوماسي مع قطر، وهو ما يؤكد أن أمد الأزمة سوف يطول.
———–
*أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية