إعداد مجموعة من باحثي المركز:
تُعتبرقضية إعادة الإعمار، أحد أهم أولويات ما بعد الحرب الحالية على اليمن، والتي يجب على جميع الأطراف اليمنية التفكير والتخطيط لها من الأن.
ولا تأتي أهميتها من زاوية الرؤية التقليدية لإعمار بلد دمرته الحرب، باعتبار أن الدمار والخراب هو أهم وجه للحرب يجب محوه، وإنما هناك أوجه أهمية أخرى أكبر وأعمق، تتعلق باستقرار البلاد، وتثبيت حالة السلم والاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب.
وفي حالة اليمن، فإن عملية إعادة الإعمار، بكل ما تتضمنه من حراك في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين حالة المواطن اليمني، تتضمن بدورها عملية متعددة الاتجاهات لإعادة رأب الصدع السياسي والمجتمعي في الجسم اليمني.
كما أنها عملية فائقة الأهمية من أجل تثبيت وحدة البلاد، في حال تم تنفيذها بالشكل العلمي السليم، الذي يستند إلى أحد أهم مبادئ الحَوْكَمة والحكم الرشيد، والذي يجب أن يكون على رأس أولويات المنظومة الجديدة التي سوف تتمخض عنها الحرب في البلاد، وهو التوزيع العادل للثروة والسلطة؛ (توزيع عوائد التنمية بالتساوي، وإجراؤها بالتكامل الملائم بين أقاليم البلاد المختلفة)، هو الضامن الأكبر لوحدة اليمن.
كما أن عملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب، سوف تكون جزءً لا يتجزأ من مخطط مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تجد في المناطق المدمَّرة (لا يوجد فيها سلطة الدولة) ملاذًا آمنًا لها.
وبالتالي فإن عملية إعادة الإعمار، بما تتضمنه من جهد في الجانب الإداري، وجانب الضبط الأمني؛ هي أحد أهم مكافحة البؤر الإرهابية، وحتى مكامن التطرف العنيف، الذي لا يزدهر إلا في ظروف الفقر والفاقة.
إذًا؛ فعملية إعادة الإعمار في اليمن، هي ما ينبغي أن يكون بمثابة واجهة اليمن في مرحلة ما بعد الحرب، وبالتالي؛ فإن التخطيط لها يجب أن يسبق حتى ترتيبات وقف إطلاق النار، ويجب أن يتزامن في تركيبته مع العملية السياسية الانتقالية التي سوف يتم الاتفاق عليها لوقف الحرب.
وفي هذا الإطار، تقدم هذه الورقة ملامح عامة حول قضية إعادة الإعمار في اليمن ما بعد الحرب، وفق مقاربة سياسية ومؤسسية.