لم تحظَ الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى اليونان قبل أيام بالاهتمام الإعلامي المطلوب، بالرغم من أهميتها المزدوِجة، سواء فيما يتعلق بالزيارة ذاتها، أو ما تم خلالها.
وبالرغم من البداية المتفاءلة للزيارة، والتي كان البعض يتطلع إلى تحقيق تركيا لاختراقات مهمة في ملفات أمنها القومي الأهم، والمتصلة باليونان، مثل مكامن الغاز الطبيعي شرق المتوسط، وقبرص، إلا أن تطوراتها، وطبيعة أردوغان الشخصية، حولتها إلى أزمة جديدة في العلاقات بين الغريمَيْن.
دفع ذلك بمصادر إعلامية دولية، مثل صحيفة الجارديان البريطانية، إلى أن تقول إن الزيارة التي هي الأولى من نوعها لرئيس تركي إلى اليونان منذ 65 عامًا “تحولت إلى مسرح للحرب؛ حيث تخلى الرئيس التركى عن مجاملات الدبلوماسية وتجاوز العديد من الخطوط الحمراء”.
ولقد ظهرت العديد من أوجه الخلافات في وجهات النظر بين أردوغان، ونظيره اليوناني، بروكوبيس بافلوبولوس، كانت أهمها مسألة حقوق المسلمين في تراقيا الغربية، والتي تقع في الجانب الموازي للجزء الأوروبي من تركيا، والمعروف بتراقيا الشرقية.
وتبنى أردوغان في هذا الإطار موقفًا راميًا إلى تعديل معاهدة “لوزان” الموقعة عام 1923م (لوزان الثانية)، والتي تم على إثرها تسوية وضع مناطق الأناضول وتراقيا الشرقية في الدولة العثمانية، وتم فيها إبطال معاهدة “سيفر” (يُطلَق عليها معاهدة لوزان الثانية) التي وقعتها الدولة العثمانية في العام 1920م مع القوى الدولية الكبرى في ذلك الحين، فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيطاليا، خلال ما يُعرف تاريخيًّا بحرب الاستقلال التركية بين قوات الحلفاء والجمعية الوطنية العليا في تركيا (أو الحركة القومية التركية) بقيادة مصطفى كمال أتاتورك.
إلا أن الحكومة اليونانية قالت إن المعاهدة غير قابلة للتفاوض، وإن اقتراحات إعادة النظر فيها لا تدعم مساع بناء العلاقات.
عقد من الزيارة عددٌ من الأمور؛ أهمها تصريحات أردوغان التليفزيونية قبلها بيوم واحد، حول الاتفاقية، وقضية ترسيم الحدود البحرية والجوية بين البلدَيْن، بالإضافة إلى عدم قبول اليونانيين مناقشة قضية لجوء جنود أتراك متهمين بالضلوع في المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم أردوغان، في يوليو من العام 2016م.
وعلى أهمية هذه القضية؛ فإنه من الأهمية بمكان العمل على إلقاء الضوء عليها، من أجل فهم أسباب فشل زيارة أردوغان الأخيرة إلى اليونان.