ترتبط عملية التنمية السليمة في الوقت الراهن، بالإسناد المجتمعي، ولا يمكن أن يتم هذا من دون أن يكون هناك جهد دعائي وإعلامي جيد، يربط أماني الشعوب وتطلعاتها، بإنجاح حِراك التنمية الراهن، ويعمل على حشد طاقاتهم لتحقيق مستهدفاتها قريبة وبعيدة المدى.
وكلاهما – الدعم المجتمعي والتنوير الإعلامي – أحد أهم عوامل إنجاح التجارب التنموية وفق المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة للتنمية في الألفية الجديدة، في منتصف التسعينيات الماضية، ضمن منظومة من المفاهيم الجديدة التي تبنتها بعد انتهاء الحرب الباردة، مثل قواعد الحكم الرشيد التي تتضمن الحَوْكَمَة والشفافية والمحاسبة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن هذه القضية ترتبط بشكل عام بنقطة مهمة أو اشتراط مهم في إنجاح أي مجال سياسي، وهو الحاضنة المجتمعية، التي هي ضمانة إنجاح أي حراك سياسي؛ فمن دون الحاضنة الاجتماعية؛ لن يتمكن صانع القرار من أخذ قرارات قد تكون مؤلمة في مجالها الزمني القصير، بينما هي تحقق الكثير في المديَيْن المتوسط والطويل، وهو ما يتحقق من خلال الإعلام.
وبالتعمُّق أكثر في معايير الحكم الرشيد والتنمية الشاملة المستمرة؛ سوف نجد أنها في الدول المتقدمة، تعكس فهمًا للتطورات السياسية والمجتمعية والاقتصادية التي يمر بها العالم، وأنها فرضت شكلاً من أشكال التعقيد في النشاط الإنساني، وعلى رأسه حراك التنمية بمفهومها العام والشامل، والذي يتضمن مجموعة من الاعتبارات، من بينها ضمان المشاركة المجتمعية في عملية التنمية.
وهو ما لن يتم بغير الإعلام، الذي يعمل على تنوير المجتمع بواقع ومتطلبات خطط التنمية، وإفهامه بأن هذه الخطط تصب في صالح الفرد والوطن، ومن ثَم ضمان التفاعل الإيجابي من جانب الأفراد والجماعات.
وبخلاف هذا الاعتبار الخاص بضمان المشاركة المجتمعية في خطط التنمية، فإن صيرورات التطور التي فرضتها التحولات الحضارية التي طالت المجتمعات الإنسانية، جعلت هناك العديد من الأركان والأعمدة لا يمكن لأي مجتمع إنساني متقدم أو يسعى للتطور، أن يكون خاليًا منها، ومن بينها الاقتصاد والتنمية والإعلام.
ولأن كل هذه المجالات، مهمة للغاية في تحقيق التطور المنشود للمجتمعات الإنسانية والدول؛ فإن التكامل والتفاعل فيما بين مختلف هذه الأركان يُعتبر أحد الأمور المطلوبة.
———–
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية