يكاد يمر شهر على الاستفتاء على الانفصال الذي نظمه إقليم كردستان العراق، في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، ولا يبدو في الأفق أن مسعود البارزاني، رئيس الإقليم، يشعر بقلق خاص إزاء الإجراءات التي تتبناها الحكومة المركزية في بغداد، أو دول الجوار، أو الممانعة الدولية الظاهرة للموقف.
ونقول إنها معارضة “ظاهرة” لأنها في حقيقة الأمر، لا تتفق مع ما يدور منذ عقود طويلة في دهاليز القوى الكبرى بشأن خرائط هذه المنطقة، ولا تتفق مع السياسات التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، على وجه التحديد، فيما يخص التكوين الجيوسياسي لمنطقة الهلال الخصيب، والتي تضم حوض نهرَيْ دجلة والفرات، والساحل الشرقي للبحر المتوسط، وكانت – قبل مرحلة “سايكس – بيكو” – يُطلق عليها مصطلح سوريا الكبرى.
ومن خلال مؤشرات عديدة؛ فإننا نقف أمام مجموعة من الحقائق التي يمكن استخلاصها من تطورات الحدث، تشير إلى أن خلفات الاستفتاء والانفصال – الذي هو بالتالي قادم لا محالة – أكثر عمقًا بكثير من محاولات البعض لتصويره على أنه خطوة “انفلاتية” أو غير مدروسة من جانب البارزاني، أو أنها لتحسين موقفه السياسي الداخلي قبل الانتخابات المقبلة على رئاسة الإقليم وبرلمانه، والمقررة – بحسب إعلان مفوضية الانتخابات في الإقليم – في نوفمبر المقبل.
وبشكل عام؛ فإن مختلف ردود الأفعال التي ظهرت على هذا الأمر؛ تبرز حقيقتَيْن يمكن القول باطمئنان إنهما مؤكدتان بنسبة كبيرة؛ الأولى هي عجز بعداد والأطراف الإقليمية عن وقف حراك قطار إنفصال إقليم كردستان العراق، والثانية، أن المواقف الدولية ليست كما يبدو أنها معارضة حقًّا للانفصال، وهو ما تناقشه هذه الورقة.