إعداد مجموعة من باحثي المركز:
وسط خِضَمِّ التصريحات والمواقف السياسية، وأناقة قاعات الاجتماعات، والأضواء الملونة المبهرة للمقاتلات وشاشات الرادار، و”فلاشات” كاميرات التصوير الكبيرة، التي تنقل أدق تفاصيل ابتسامة هذا المسؤول أو ذاك؛ لا ينبغي أن ننسى أن هناك عشرين مليون يمني معرضون لخطر المجاعة، ولا يجدون الدواء، مع مواجهة الملايين منهم لاحتمالات الموت المحتَّم في أية لحظة.
والمتابع للأرقام والحقائق والصور الواردة من اليمن، والتي تبثها بشكل يكاد أن يكون يوميًّا، الأمم االمتحدة ووكالات الإغاثة، عن الوضع هناك؛ يجد أن هناك اضطرادًا مخيفًا في تفاقم الأزمات الإنسانية، بشكل دعا مسؤول الأنشطة الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، إلأى أن يصف الوضع في اليمن بأنه “الأزمة الإنسانية الأضخم في العالم”، متفوقًا بذلك على أوضاع السوريين، الذين تجتاح الحرب بلادهم منذ ما يزيد على ستة أعوام.
ونشير هنا إلى عبارة لافتة ومُعبِّرَة للغاية، قالها في هذا الصدد، يان إيجلاند، الأمين العام لمجلس اللاجئين السويدي، والذي كان يشغل منصب مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في العام 2016م، إنك في اليمن “إذا لم تقتلك القنابل؛ فسيكون مصيرك الموت البطيء المؤلم بالمجاعة، التي أصبحت اليوم تهديدًا كبيرًا”.
ولم تقتصر تبعات الحرب على اليمنيين فحسب؛ حيث كان ولا يزال اليمن – بحكم طبيعة شعبه التكافلي والمضياف – أحد أهم وجهات اللجوء من بعض الدول الأخرى، التي تعاني أزمات مزمنة، مثل الصومال والسودان وإثيوبيا وإريتريا.
ففي النصف الثاني من مارس، قُتِل 42 لاجئًا صوماليًّا ومواطن يمني، في قصف من سفينة حربية تابعة للتحالف، وإطلاق نار من طائرة هليكوبتر “أباتشي” أمريكية، في هجوم على قارب كانوا يستقلونه، قُبالة الساحل الجنوبي الشرقي لليمن.
أي أن الحرب لم تقتصر في آثارها على اليمن فحسب؛ حيث امتدت إلى المساس بقضية أخرى من الأولويات الراهنة على أجندة المجتمع الدولي، وهي الهجرة واللجوء.
وفي السياق، يُعدُّ اليمن من بين أربع دول في العالم تهددها المجاعة في وقتنا الراهن، بجانب كلٍّ من الصومال وجنوب السودان ونيجيريا.
هذا هو الوجه الحقيقي للحرب الحالية التي يشنها التحالف الذي تقوده الرياض على اليمن، وليس ما يبدو منها أمام شاشات الفضائيات؛ حيث المعاناة على الأرض أكبر من أن توصف، أو أن تُجمَع في ملفات وتقارير مصوَّرة!
ولذلك؛ فإن هذا التقرير الذي يحاول أن ينقل جانبًا من صورة الأوضاع الإنسانية الراهنة على الأرض في اليمن؛ لن يمكنه – بالتأكيد – أن يقدم كامل الصورة التي تتسع لكي تشمل مساحة وطن من أجمل أوطان العرب، وكان يُلقَّب يومًا بـ”السعيد”!