* أحمد التلاوي:
بعد مخاض طويل وعسير معًا؛ اعتمد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، التشكيلة الحكومية الجديدة، التي أعلن عنها مؤخرًا، رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، الذي كلَّفه الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة المغربية الجديدة، بعد أشهر من تعطل التشكيلة الحكومية؛ منذ انتخابات أكتوبر 2016م، لعوامل عدة، كان هناك تيار عام بين كثير من المحللين، على أن أهمها – هذه العوامل – يعود إلى شخصية بن كيران.
وتطرح تجربة الأشهر التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة الجديدة في المملكة المغربية، العديد من الإشارات السياسية التي تستحق الدرس، فيما يخص أحد أهم الملفات التي تتصدر واجهة المشهد السياسي والإعلامي منذ سنوات، منذ اندلاع ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”، وهي العلاقة بين الدولة والإسلاميين في العالم العربي.
وقبل التطرُّق إلى تفاصيل المشهد؛ فإنه ينبغي التأكيد على أنه، وبكل يقين؛ فقد ساهمت طبيعة كل من العاهل المغربي، ورئيس وزرائه الجديد، في إنجاح الصفقة السياسية الأخيرة، التي جنَّبت المغرب الدخول في نفق حالة عدم الاستقرار التي تعرفها الكثير من بلدان الجوار.
تضم الحكومة المغربية الجديدة التي خرجت إلى النور بعد مشاورات استمرت ما يقرب من ثلاثة أسابيع، 39 وزيرًا وكاتب دولة (وزير دولة في عُرف المصطلح السياسي للمغرب العربي)، ينتمون إلى ستة أحزاب، وهي: “العدالة والتنمية” (125 مقعدًا في مجلس النواب من أصل 395 مقعدًا)، “التجمع الوطني للأحرار” (37 مقعدًا)، و”الحركة الشعبية” (27 مقعدًا)، “الاتحاد الدستوري” (19 مقعدًا)، و”التقدم والاشتراكية” (12 مقعدًا)، وحزب “الاتحاد الإشتراكي” (20 مقعدًا)، وتشكل في مجموعها 240 مقعدًا.
وأُعلن التشكيل الحكومي بعد عدة أشهر من المفاوضات التي قادها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، الذي كلفه العاهل المغربي بتشكيل الحكومة باعتبار أنه رئيس أكبر حزب فائز بعدد من المقاعد في مجلس النواب المغربي، في انتخابات السابع من أكتوبر من العام 2016م.
وبعد ما يزيد على ستة أشهر؛ أعفاه الملك محمد السادس، وكلف العثماني الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يوم 17 مارس الماضي، بتشكيل الحكومة، وتم ذلك بالفعل بعد أقل من ثلاثة أسابيع.
وتتناول هذه الورقة محاولة في قراءة مسارات التفاوض، منذ انتخابات 2016م، وحتى الآن، والعوامل التي أدت إلى تنحية بنكيران، بعد فشله في تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، ونجاح العثماني – السريع في واقع الأمر – في هذه المهمة، وكيف أدارت الدولة المغربية لملف العلاقة مع الإسلاميين بشكل عام، منذ 2011م وحتى الآن.
——————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية