* أحمد التلاوي:
تزايدت في الآونة الأخيرة، العمليات الجوية والبرية الأمريكية على الأراضي اليمنية، بحجة استهداف “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، الذي تصنفه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على أنه الفرع الأقوى على مستوى العالم لتنظيم “القاعدة”.
وتأتي هذه العمليات الجديدة، في سياق تفعيل ما تضمنه البرنامج الانتخابي الذي طرحه الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، فيما يتعلق بسياساته إزاء الشرق الأوسط، ووضع على رأس قائمته، مكافحة ما يوصف بـ”الإرهاب”، في إشارة واضحة إلى ملف التنظيمات “الجهادية” المسلحة، التي تنشط في أكثر من بلد عربي في وقتنا الراهن.
فعمليات يوم الثاني من مارس، كانت الأكبر للولايات المتحدة في اليمن منذ عامَيْن؛ حيث بلغ عدد الضربات الجوية التي نفذتها المقاتلات والطائرات الأمريكية من دون طيار أو ما يُعرَف بـ”الدرونز”، 25 عملية، ويرى مراقبون أن هذه العمليات، والعمليات الأخرى المماثلة، مثل الإنزال المباشر والقصف عبر البوارج الأمريكية، سوف تتزايد في الفترة المقبلة.
وتزيد هذه العمليات من جراح اليمن الذي يعاني في الوقت الراهن من أزمة تُعتبر الأكبر في تاريخه، وأحد أسوأ الأزمات السياسية والإنسانية؛ حيث طالت أكثر من عشرين مليونًا من أبناء الشعب اليمني، بحسب أرقام الأمم المتحدة وتقاريرها، بالإضافة إلى ظهور مخططات لأطراف إقليمية لإعادة إحياء مشروع تقسيم اليمن، ولكن وفق رؤية جديدة، يمكن أن نطلق عليها “اليمن المفيدة”، والتي تشمل ما كان يُعرَف باليمن الجنوبي، بالإضافة إلى عناصر القوة الاقتصادية والجيوسياسية الاستراتيجية التي تملكها المناطق الشمالية، مثل بعض الموانئ اليمنية على البحر الأحمر، ومصادر النفط.
كما أنها تطرح العديد من التحديات على المجموعات والقوى السياسية صاحبة القرار في صنعاء، من أجل البحث عن معالجات للأزمات الراهنة التي تواجه اليمن، بحيث يتم تقليص فرص التدخل الخارجي في شؤونه، وخصوصًا التدخلات العسكرية، كما في العمليات التي يشنها التحالف العربي، أو الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، تناقش هذه الورقة، خلفيات التصعيد الأمريكي في عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن، وأثرها على أمن اليمن القومي، ضمن سياقات التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن اليمني، وكيفية مواجهة هذه التحديات من جانب صنعاء.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية