في تصنيف أجهزة الاستخبارات الغربية، تأتي الجزائر كأكثر بلد مجهول في العالم العربي، وأحد الدول القليلة في العالم التي لا تزال مغلقة أمام فهم القوى الكبرى والعظمى في عالم اليوم، وبخاصة دول التحالف الأنجلو ساكسوني، بريطانيا والولايات المتحدة، والتي لها أجندتها الاستعمارية في عالمنا العربي، ولا تزال تسعى لتحقيق اختراقات لبنية الأمن القومي للدول العربية المركزية، وإضعاف مناعتها.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن الجزائر تدير سياساتها الداخلية والخارجية وفق نسق مختلف عن الطريقة التي تدير بها غالبية الدول العربية سياساتها، وكذلك بصورة مستقلة عن الاتجاهات العامة في الغالب للموقف العربي في الكثير من الأمور.
ولذلك تفسيرات عديدة، من بينها الطابع العسكري المغلق للنظام الجزائري، وطبيعة الشعب الجزائري ذاته ذات النزعة الاستقلالية والاعتزاز الوطني الذي يراه البعض مبالغًا فيه، وكان وراء المقاومة الشرسة للمستعمِر الفرنسي، ربما كانت الأصعب في تاريخ أي بلد استعماري عبر التاريخ، بالإضافة إلى كون الجزائر في الأصل بلد مغلق على نفسه بالصحاري الكبيرة من مختلف جهاته، باستثناء البحر، والذي لم يأتي الانفتاح عليه سوى بالمستعمرين الذين أذاقوا الجزائريين الويلات وعملوا على تغيير هويتهم الدينية والثقافية واللغوية.
ولعله من بين أهم أسرار وألغاز السياسة الجزائرية مما هو مغرٍ بالتحليل، هو علاقة النظام الجزائري بالأنظمة والجماعات السياسية ذات الطابع أو المنطلق “الديني”، مثل النظام الإيراني، وتنظيم الإخوان المسلمين.
________
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية