ضمن المتغيرات والتطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم في عصر العولمة، ولاسيما الحد من دور الحكومات في المجالات الاقتصادية، حيث أصبحت هذه الحكومات تُعنى بالدرجة الأولى بالأعمال الرقابية لهذا المجتمع إلى جانب وضع الضوابط، وسن التشريعات والقوانين المناسبة لحماية المصالح الاقتصادية للمجتمع، في ضوء ذلك جاء الاهتمام بنظام البناء- التشغيل-التحويل- والمعبر عنها بــــ ” البوت واشكاله المختلفة.
ولقد أدت مشاريع البوت إلى اقبال واسع وكبير من قبل الدول المتقدمة و النامية التي تسعى الى تطوير بنيتها التحتية وتحديث مرافقها العامة، حيث وجدت هذه الدول في مشروعات البوت خير سبيل في تحقيق هذا الغرض رغم أن هذه النظام كانت معروفة في الأعوام السابقة تحت مسميات أخرى كنظام الامتياز إلا أن الواقع الاقتصادي الحالي لكثير من الدول أسهم في اعتماده في القرن الحالي بشكل كبير، ويتوقع استمرار هذا الاتجاه في تمويل مشروعات البنية الأساسية وزيادته وربما مضاعفته مع بدايات هذا القرن، ويرجع السبب في ذلك الى انهيار المنظومة الإشتراكية بالإضافة الى امكانية الاستفادة من امكانيات وخبرات الشركات العملاقة المتخصصة في مختلف المجالات.
ويعد تمويل مشاريع البنية التحتية في أوقات الأزمات المالية أحد التحديات التي تواجه الحكومات في جميع الدول دون استثناء، وقد يكون التحدي أكبر للدول النامية، ولذلك تلجأ بعض الحكومات في مثل هذه الظروف إلى ترشيد الإنفاق، وإيقاف تنفيذ بعض المشروعات، وتأجيل البعض الآخر لحين تحسن الأوضاع المالية، ثم تعيد إحياءها من جديد، أو تقوم بالاقتراض من الدول أو البنوك الأجنبية، أو إصدار سندات طويلة المدى، كلتا السياستين تكون الحكومة فيها المالك والممول للمشروع، ويبقى دور القطاع الخاص منفذاً فقط، دون أن يكون شريكاً في التنمية بالمعنى الصحيح لمفهوم الشراكة.
هذه الحلول لها تكلفتها المالية والاقتصادية على المدى الطويل، ولا يمكن الاعتماد عليها في حال استمرار الأزمات الاقتصادية، وتراجع العوائد المالية لفترة طويلة؛ وبالتالي فإن اللجوء لخيارات التمويل الأخرى قد يكون أفضل السبل لتمويل بناء المشاريع المنتجة أو ذات العوائد المالية، فمثل هذه المشاريع لا يتوقف تمويلها على التمويل الحكومي المباشر، بل يمكن تمويلها عن طريق نظام البناء وإعادة الملكية والتشغيل (B,O.T).