* أحمد التلاوي:
قد يبدو للمتابعين، أن تركيا قد اجتازت بنجاح الاختبار السياسي والأمني للاستفتاء على التعديلات الدستورية التي ألغت منصب رئيس الوزراء، ومنحت صلاحياته التنفيذية للرئيس التركي، وهي الصلاحيات التي سوف يتحصَّل عليها الرئيس التركي المقبل، الذي سوف يأتي بعد انتخابات 2019 م الرئاسية والتشريعية؛ حيث إنه، ووفق هذه التعديلات؛ فإن الانتخابات الرئاسية والتشريعية سوف تتم بشكل متزامن.
إلا أن هناك الكثير من المؤشرات التي تقول بأن تركيا قد تدخل مرحلة طويلة من عدم الاستقرار السياسي الذي ربما يتحول إلى عدم استقرار أمني، في ظل تطورات أوضاع بعينها على المستوى الداخلي، والإقليمي، ولاسيما الأزمات الضاربة بأطنابها في سوريا والعراق، والعلاقات المتوترة مع أهم حلفاء تركيا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي “الناتو”، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
ولعل – وفق تقارير مراقبين وأجهزة غربية تم تسريب بعضها في الفترة الأخيرة – أخطر مصادر هذه المهددات، هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذاته، الذي كان – وهو ما حدث بالفعل – من المتوقع قبل الاستفتاء، أن تزيد وتيرة قراراته “الانفرادية” لتوطيد سلطاته ونفوذه، وتعزيز موقفه السياسي.
وإن كانت لهذه القرارات الانفرادية آثارًا سياسية يمكن احتمالها على المستوى الداخلي؛ فإن ثمنها سوف يكون باهظًا لو أخذها في المستوى الخارجي، فيما يخص مجالات العلاقات والتفاعلات التركية الإقليمية والدولية المختلفة.
وفي هذا الإطار، تتناول هذه الورقة مجموعة من القضايا المحيطة بالاستفتاء الرئاسي الذي جرى في تركيا مؤخرًا، وتداعياته المحتملة على المستويَيْن الداخلي والخارجي، وهل سوف يحقق الاستقرار والأمن لتركيا كما قالت دعايات أردوغان أم لا؟
—————–
* أحمد محمود التلاوي، باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية