مجموعة من الباحثين في المركز:
في العاشر من فبراير 2014م، أقرت لجنة تحديد الأقاليم المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني باليمن، مقترحًا يقوم على أساس تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم؛ أربعة في شمال البلاد، واثنان في الجنوب وأربعة في الشمال، في إطار دولة اتحادية أو فيدرالية بالمعنى السياسي والقانوني، أي يكون هناك استقلالية شبه كاملة لهذه الأقاليم، عدا شؤون الدفاع والسياسة الخارجية، التي تؤول إلى الحكومة المركزية في العاصمة اليمنية صنعاء.
وفي حينه، اعتمد الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان يرأس اللجنة، هذا المقترح.
والأقاليم الشمالية، هي إقليم آزال الذي يضم محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار، وإقليم سبأ الذي يشمل البيضاء ومأرب والجوف، وإقليم الجند الذي يضم تعز وإب، وإقليم تهامة، الذي يضم الحُدَيْدَة وريمة والمحويت وحجة، أما الإقليمان الجنوبيان، فهما: إقليم عدن، الذي يضم عدن ولحج وأبين والضالع، وإقليم حضرموت، ويضم حضرموت وشبوة والمهرة وجزيرة سقطرى.
وفيما يخص صنعاء وعدن؛ فقد احتفظ التقسيم لكلٍّ منهم بوضع خاص، فتضمن أن تكون أمانة العاصمة صنعاء، مدينة اتحادية غير خاضعة لسلطة أي إقليم، ويتم النص على ذلك دستوريًّا، أما عدن فتم الاتفاق على أن تكون “مدينة إدارية واقتصادية ذات طابع خاص”، وتتمتع بسلطات تسريعية وتنفيذية مستقلة، ويُنصُّ عليها دستوريًّا كذلك.
وظهرت في حينه اعتراضات عدة على هذا التقسيم، من بينها اعتراضات ذات بواعث وطنية؛حيث بدا للكثيرين أن هذا المشروع، إنما هو إما خطوة متعمدة تمهيدًا لتقسيم اليمن مجددًا، كما هو واضح في أنه في الأساس قسَّم اليمن فعلاً إلى شمال وجنوب، وكل قسم منها يضم مجموعة من الأقاليم، يضم كلٌّ منها بدوره مجموعة من المحافظات، أو أنه سوف يؤدي إلى ذلك فعليًّا، بما سوف يقود إليه من صراعات مناطقية داخل كل إقليم، مع تخوُّف بعض المحافظات من هيمنة محافظة رئيسية في إقليم ما على باقي محافظاته.
وفي حينه رفض الحوثيون هذا التقسيم، وأعاد مراقبون ذلك، إلى أن الحوثيين الذين تتركز نقاط نفوذهم وسيطرتهم على بعض محافظات إقليم آزال، كانوا يريدون أن تضمن منطقة نفوذهم، منفذًا على البحر الأحمر، في محافظة حجة الساحلية بالتحديد، وكذلك أن يتضمن الإقليم بعض مصادر النفط، مثل تلك الموجودة في محافظة جوف.
وفي هذا الإطار، أعادت بعض الأطراف السياسية الجنوبية، طرح صيغ جديدة لانفصال الجنوب عن الجسد اليمني، وكان آخرها “المشروع السياسي” الذي تقدم به السياسي الجنوبي، حيدر أبو بكر العطاس، الذي كان رئيسًا لوزراء أول حكومة بعد الوحدة اليمنية، عام 1990م، وأطلق عليه مسمى “الإطار العام من أجل صياغة رؤية سياسية وتشكيل كيان جنوبي سياسي مجتمعي”.
“مبادرة” العطاس، تؤيد الحرب الحالية على اليمن، وتدعو صراحةً إلى انفصال الجنوب عن الوطن الأم، وتستغل في ذلك، تأثيرات سياسية، مثل ذلك المشروع الذي اعتمده هادي في 2014م، وسلوك بعض البلدان الفاعلة في الأزمة اليمنية، على الأرض، من أجل الاستفادة من حالة غياب الدولة في الوقت الراهن، وتكريس مناطق نفوذ مستقلة فعليًّا عن اليمن.
ولعل أبرز نموذج على ذلك ما تحاول أن تقوم به الإمارات، وفق تقارير عدة، بالتعاون مع بعض القوات التابعة لهادي؛ حيث تركز في هذا الإطار، على المناطق الساحلية، التي تشمل موانئ اليمن الأهم، مثل المخا والحُدَيْدَة.