* أحمد التلاوي:
عاد جدل الحديث حول مستقبل الجزائر في الفترة الأخيرة، بعد التدهور الجديد الذي لحِقَ بالحالة الصحية للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، بشكل أدى إلى إلغاء عدد من الزيارات التي كانت مقررة لرؤساء وقادة من دول العالم إلى الجزائر في الفترة الأخيرة، ومن بينهم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وبالرغم من عودة الرئيس الجزائري إلى الظهور الإعلامي مجددًا؛ إلا أن هذا الجدل لم يهدأ، وساعد على تأجُّج الحديث عنه، حتى داخل الأوساط السياسية والإعلامية الجزائرية في الداخل، هو تكرار الأزمات الصحية التي تعرض لها الرئيس الجزائري في الأشهر الأخيرة، لدرجة ظهوره ذات يوم على مقعد متحرك؛ غير قادر على الكلام أو الحركة، في صورة رآها الكثيرون معبرة عن واقع السياسة والحكم في العالم العربي!
كما دعم من حرارة النقاش، تقارير عديدة خرجت تشير إلى أن العام الجاري 2017م، لن يمر من دون انتخابات رئاسية جزائرية، أو على الأقل تحديد موعد لها، بالرغم من أن انتهاء موعد الولاية الحالية لبوتفليقة، يحل في أبريل 2019م.
ولا تطرح هذه الحالة الحديث عن مستقبل الجزائر بالمعنى السياسي القريب الذي يتعلق بخريطة مراكز السلطة والحكم في البلد، وإنما كذلك تطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل الكيان الجزائري على مختلف المستويات؛ الأمنية والجيوسياسية نفسها في ظل تنامي التحديات الراهنة التي تواجه هذا البلد، في مختلف الاتجاهات، سواء على المستوى الاجتماعي والأمني والسياسي الداخلي، أو السياسي والأمني الخارجي.
وتثير الحالة الراهنة في الجزائر، ليس قلق الجزائريين فحسب؛ وإنما كذلك قلق جيرانه وأطرافٍ دولية أخرى، لها العديد من المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية في المنطقة، وتمثل الجزائر المستقرة نقطة ارتكاز مهمة للحفاظ عليها، مثل الولايات المتحدة وفرنسا ومصر، مع كون الجزائر والجيش الجزائري عقدة مهمة في مواجهة تنظيمات السلفية الجهادية المسلحة، بعد “مبايعة” الكثير من التنظيمات المحلية المسلحة، لتنظيمَيْ “داعش” و”القاعدة”.
وزادت من أهمية الدور الجزائري في هذا المجال، في منطقة الساحل والصحراء، وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ووضعه قضية مكافحة تنظيم الدولة “داعش”، على رأس أولوياته.
——————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية