*أحمد التلاوي:
تنشغل الساحة اليمنية في الوقت الراهن، بمختلف دوائرها، بقضية ربما تمثل مستقبل اليمن بأسره في الفترة المقبلة، ولاسيما في إطار ترتيبات ما بعد الحرب الراهنة، وهي قضية مستقبل الوحدة الجيوسياسية أو الوحدة الترابية للدولة اليمنية.
في البداية، وجب التأكيد أن الوحدة اليمنية قد مثَّلت أماني الشعب اليمني بمختلف شرائحه، وحَوَتْ في طياتها الكثير من أمانيه في مستقبل أفضل، في وطن قوي يدافع عن حقوق أبنائه ومصالحهم، ويحمي مقدراتهم وثرواتهم، ويضمن مستقبل الأجيال القادمة.
وفي ظل تفاعل مشروع الانفصال الراهن، والذي ترعاه قوى داخلية وإقليمية؛ فإن الرهان الأساسي على الشعب اليمني في أن يدافع عن مصالحه الأصيلة في مشروع الوحدة اليمنية.
وفي هذا الإطار، فإن المعركة باتت تدخل في إطار كونها معركة رأي عام، على قلوب وعقول الجماهير اليمنية.
وبالتالي؛ فإنه، وقبل الحديث عن تفاصيل المؤامرة الراهنة على وحدة اليمن، ومشروع تفكيكه الذي ترعاه هذه القوى؛ فإنه من الأهمية بمكان، التأكيد على أن الانفصال ليس في مصلحة أي طرف في اليمن، حتى الأطرف التي ترعى مشروع الانفصال والتقسيم في الوقت الراهن.
وهذا لن يتأتى من دون الحديث عن تجارب سابقة لكيانات انفصلت، من دون أن تملك مقومات الدولة، واستجابةً – كذلك – كما في الحالة اليمنية، لمخططات إقليمية ودولية، وكيف أدى ذلك إلى أضرار لا حصر لها، شملت سقوط عشرات الآلاف من القتلى، ومئات الآلاف، وربما ملايين من المشردين، بسبب هذا الانفصال، مع وقوع القيادات التي تولت زمام الأمور في هذه الكيانات بعد انفصالها عن الأوطان الأم، في فخ الانقلابات والانقلابات المضادة، بل ودفع بعضهم حياته ذاتها نتيجة عدم رشادة الخيارات التي تبنوها في هذا الإطار، وكونهم تركوا أنفسهم نهبةً لسياقات سياسية لا تعني الأوطان، وكذلك رهينة لإرادات أطراف أخرى.
وفي هذا الإطار، تناقش هذه الورقة، بعض التجارب التي شهدها العالم العربي، لانفصال أو “استقلال” بعض الكيانات عن أوطانها الأم، وكيف حملت هذه التجارب الكثير من الويلات والأزمات الإنسانية والسياسية للمجموعات التي رأت أن تستقل في دويلات عن دولها الأم.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية