أحمد التلاوي:
على مدار يومَيْن، استضافت العاصمة الكازاخية، الأستانة، مؤتمرًا جمع بين ممثلين عن غالبية فصتال المعارضة السورية المسلحة، والنظام السوري، برعاية سورية تركية، وإيرانية.
ولأن كانت هناك نتائج قد تمخضت عن المؤتمر؛ فإنها لا تصب – وفق العديد من المؤشرات – في صالح الحل السياسي في سوريا.
فبخلاف ما ذهب إليه الكثير من المحللين في صدد أن المؤتمر قد حقق نتيجة كبرى، تمثلت في كسر الحاجز النفسي بين المعارضة والنظام؛ إلا أنه خلف هذه القراءة “البروتوكولية” للحدث؛ تقف أمور كبرى، تقول إن الأمر أكثر تعقيدًا بمراحل من أن نتحدث عن حلٍّ قريب للأزمة السورية.
فعلى أبسط تقدير، وبينما وفد النظام يتشاجر مع وفد المعارضة على الهواء مباشرة؛ كانت الحرب مستمرة في مناطق عدة من سوريا، وأهمها وادي بردى؛ حيث دارت معركة شرسة، هددت وقف إطلاق النار الهش حاليًا في سوريا بالكامل، ولم تنته المعركة إلا بعد سقوط مئات الضحايا، وتهجير 2100 سوري من مناطق القتال هناك، بحسب تقارير الأمم المتحدة والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وليس أدل على ذلك من إعلان روسيا والأمم المتحدة عن تأجيل الجولة الجديدة لمؤتمر جنيف الخاص بالجانب السياسي لتسوية الأزمة في سوريا، من الثامن من فبراير إلى العشرين من هذا الشهر.
وبجانب ذلك؛ فإن هناك العديد من المؤشرات التي تقول بأن الأمر أعقد من أن يكون له حلٌّ قريب، وأن أستانة قد عقَّدت الأزمة، ولم تساعد على حلها؛ حيث كانت – على أبسط تقدير – محاولة للأطراف الراعية، وخحصوصًا موسكو وأنقرة، من أجل تحقيق خطوات تخدم سياساتهما ومصالحهما، ولا يتعلق الأمر بالسوريين ومصالحهم، أو رؤاهم، سواء المعارضة، أو النظام.
وليس أدل على ذلك، هو موقف إيران التي تُعتبر من بين أهم الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، لم تكن متحمسة للمؤتمر، وشاركت فيه حتى لا تكون غائبة عن الصورة، إلا أن إيران وحلفاءها في سوريا، كانت ولا تزال لهم أجندة مختلفة في الأزمة، حتى عن الروس.
وفي هذا الإطار، يناقش هذا التقرير بعضًا من ملامح الأزمة السورية وآفاقها المستقبلية، في ضوء مؤتمر أستانة، سواء فيما يتعلق بنتائج المؤتمر، أو ما كشف عنه في شأن واقع الأزمة السورية وطبيعتها، وطبيعة مواقف مختلف أطرافها.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية