يُعتبر مجلس الأمن الدولي، أحد أهم الأجهزة والمؤسسات التي تتبع الأمم المتحدة، وجزء رئيسي من ترتيبات النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي لا تزال حركة السياسة العالمية تدور في فلك الأطر المؤسسية وخرائط توزيع القوى التي نجمت عنها، حتى بعد انتهاء الحرب الباردة.
فبرغم التبدُّل الذي طرأ على بنية القوى الدولية، ودخول النظام العالمي في مرحلة سيولة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية؛ إلا أن البنية المؤسسية وغالبية خريطة القوى الموروثة عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ظلَّت قائمة.
ولا يُعدُّ مجلس الأمن الدولي بدعًا من ذلك؛ حيث لا تزال الأمم المتحدة بمؤسساتها ووكالاتها المتخصصة، ومنظومة “بريتون وودز” الاقتصادية التي تشمل صندوق النقد والبنك الدوليَّيْن، ومؤسسة التمويل الدولية، واتفاقية “الجات” التي تحوَّلت في التسعينيات الماضية إلى “منظمة التجارة العالمية”؛ لا تزال هي أصل المظلة المؤسسة للنظام العالمي.
ولكن مجلس الأمن كمؤسسة دولية، له أهمية خاصة باعتبار أنه – وفق منطق تأسيسه وليس وفق الأمر الواقع بدقة – هو الهيئة الدولية المُخوَّلة باستخدام القوة المسلحة بموجب البنود الخاصة به في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة – وهي مهمة لم تكن لأية هيئة تابعة للمظلة المؤسسية الدولية السابقة على الأمم المتحدة، وهي عصبة الأمم، وكذلك ليست لأية هيئة دولية أخرى في عصرنا الراهن.
وتختلف صلاحية مجلس الأمن الدولي في ذلك، عن صلاحية الأحلاف العسكرية الإقليمية والدولية التي تأخذ شكلاً مؤسسيًّا، مثل “حلف شمال الأطلنطي” (الناتو)، في استخدام القوة في حلِّ بعض النزاعات؛ حيث إن المجلس هو الهيئة الدولية الوحيدة التي لها شرعية بموجب القانون الدولي بتفويض استخدام القوة في حل النزاعات الإقليمية والدولية، فيها التحالفات والمنظمات الأخرى، لا يمكنها ذلك من دون إذنٍ من مجلس الأمن الدولي إلا فيما يتعلق بحالات رد عدوان مباشر.
وتشمل صلاحيات مجلس الأمن الدولي في هذا المجال، لتشمل الصراعات الأهلية، والأزمات الداخلية في بعض الدول، ولاسيما في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، ضمن عملية توسيع شاملة، طموحة، الأمم المتحدة من صلاحياتها لتشمل حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تخت مسميات عديدة، مثل الحفاظ على حقوق الإنسان، والتصدي لانتهاكات قواعد الحكم الرشيد، مثل احترام القانون، وسيادته، من جانب بعض الأنظمة الاستبدادية.
ولكن هذا الأمر، نظرت له بعض القوى الدولية على أنه ذريعة أو أداة غربية – الغرب الذي خرج منتصِرًا من الحرب الباردة – للتدخل في الشؤون الداخلية للقوى التي تمثل تهديدًا للنفوذ الغربي، والأنجلوساكسوني على وجه الخصوص، مثل الصين، ثم روسيا بعد عودتها للنهوض مجددًا.
وهناك الكثير من الأمور الإشكالية التي تعترض مجلس الأمن الدولي في سبيل أداء دوره كمؤسسة فوق دولية، تمثل “شرطي العالم” كما كان مقدَّرًا له، وكذلك مصداقية هذا التدخل بشكل عام.
Warning: Missing argument 1 for get_cat_name(), called in /home/samstudies/public_html/wp-content/themes/atlantis/archive.php on line 14 and defined in /home/samstudies/public_html/wp-includes/category.php on line 214
الحضارم في المحيط الهندي.. إسهامات في مجتمع واقتصاد جنوب شرق آسيا
اتصلت منطقة جنوب شرقي آسيا بالعالم العربي منذ مئات السنين قبل ظهور الإسلام فيها، وكان معظم التواصل عن طريق تجارة البهارات. ووفق المصادر التاريخية، فإن أول عربي استقرّ في تلك الأصقاع حل هناك في القرن الخامس الميلادي. ولقد برز العرب، وجلهم من حضرموت في كيانات المنطقة وأسس بعضهم سلالات حاكمة كسلاطين بونتياناك (أقام هذه السلطنة الشريف حسين أحمد القادري سلطان مانشان عام 1735م) بجزيرة بورنيو (كاليمنتان) التي تتقاسمها اليوم كل من إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي.
وحالياً يقيم المتحدرون من أصول حضرمية في الكيانات الأربعة المستقلة في جنوب شرقي آسيا، وهي إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي وتيمور الشرقية، التي كانت مستعمَرَة برتغالية حتى 1975، ضمتها إندونيسيا إليها في مرحلة الاستقلال، لكنها عادت فاستقلت عنها عام 2002. ومما قاله الرئيس مهاتير (أو محاضر) محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق، عن الحضارم في جنوب شرقي آسيا، قوله إن ماليزيا لم تتعرض لفتوحات إسلامية ولم تُرغَم على اعتناق الإسلام وإنما اختاره أهلها، واهتدوا إليه من خلال التجار المسلمين الذين جاءوا إلى بلادهم من حضرموت «وكانوا غزيري العلم ولم تكن فيهم حماقة أو جبروت المستعمرين بل كانوا بكل بساطة إخباراً ومرآة صادقة تعكس تعاليم الإسلام السمحة، فأسروا بسلوكهم حكام الولايات فاعتنقوا الإسلام بل حثوا شعوبهم على اعتناقه».
رؤية حول العلاقة بين الحكم الوطني والمحلي في مرحلة ما بعد الاتفاق وإحلال السلام في اليمن
لقد ظلت مشكلة الخلل القائم في التوزيع العادل للسلطة والثروة بالإضافة إلى الإشكاليات الناتجة عن هيمنة المركز وسيطرة المركزية الإدارية والمالية الشديدة وطبيعة العلاقة بين المركز أو (الحكم الوطني) والمحليات واحدة من أبرز المعضلات والتحديات التي واجهها اليمن سواء لمرحلة ما قبل قيام ثورة الـ26 سبتمبر عام 1962 أو ما تلاها أو حتى بعد تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990.
وحيث أدت تلك التحديات إلى نشوء الصراعات وفرز حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني وإيجاد خلل في منظومات الحكم القائمة ووجود حالة من السخط وعدم الرضا الشعبي والتي تفاقمت بازدياد تراكماتها ووصلت إلى حد الصراع الدموي ودورات العنف وبروز التكتلات والتعصبات المناطقية والجهوية والتي وصلت ذروتها إلى درجة المطالبة بالانفصال في بعض الأجزاء اليمنية (المحافظات الجنوبية).
ورغم كل المحاولات التي بذلت للتخفيف من حدة الصراعات المناطقية وإعطاء مجال لتشجيع المحليات في ممارسة دور ما في المجال الإداري والتنموي من خلال ترتيب المجالس المحلية أو السلطات المحلية وهيمنة هذه القضية على مخرجات الحوار الوطني التي تم مناقشتها حول إعادة هيكلة الدولة وفكرة الأقاليم والتوزيع العادل للسلطة والثروة والحكم الرشيد؛ إلا أن تلك المحاولات ظلت مجرد أفكار لم تجد طريقها للتنفيذ في الواقع العملي إن لم تكن قد تعطلت نتيجة ما شهده اليمن من أحداث وتطورات أعقبت الانتهاء من مؤتمر الحوار الذي كان المؤمل فيه أن يكون مدخلًا لتحقيق الوفاق الوطني والتصالح والتسامح والشروع في بناء الدولة الوطنية الحديثة؛ إلا أن الوفاق والتصالح قد غاب عن طاولة مؤتمر الحوار وخرج اليمنيون منه بمختلف مكوناتهم وتوجهاتهم وهم أكثر فرقة وانقسامًا ووصل الأمر إلى حدوث المواجهات العسكرية الدامية وازدياد حدة التمترس وراء المواقف المتباينة والتوجهات المتضادة في ظل غياب مشروع وطني جامع.
وحيث أن المؤمل أن تؤدي جهود الأمم المتحدة ومؤازرة المجتمع الدولي إلى جمع الفرقاء اليمنيين مرة أخرى على طاولة حوار يمكن أن تؤدي إلى الخروج من المأزق الراهن وتحقيق الاتفاق الذي يضمن تحقيق السلام وبناء الدولة اليمنية المنشودة، فإن من أبرز مهام المرحلة القادمة سواء المرحلة الانتقالية أو ما يليها وإيجاد الحلول الموضوعية والمنطقية للعلاقة التي ينبغي أن تقوم بين السلطة الوطنية (المركزية) والسلطات المحلية في الأقاليم أو المحافظات أو الوحدات الإدارية عمومًا وبحسب ما يتم الاتفاق عليه ويخرج به الدستور الجديد وبما يتواءم مع الواقع اليمني ويلبي تطلعات الشعب اليمني واحتياجاته الراهنة والمستقبلية.
وفي تصوري أن حل موضوع التوزيع العادل للسلطة والثروة يتطلب رؤية واقعية تضمن ذلك من خلال توسيع نطاق المشاركة في صنع القرار الوطني وإيجاد مخارج عادلة لموضوع الثروة السيادية والعائدات المحلية وإيجاد توازن منطقي بين دور ومهام السلطة المركزية والسلطات المحلية وتوفير الضمانات التي تكفل عدم وجود مراكز نفوذ أو هيمنة في الإطار المحلي الجديد والناشئ بموجب الاتفاق ومخرجات الحوار القادم الذي ينبغي الإعداد له جيدًا وبحيث يتجاوز السلبيات والثغرات التي وجدت في الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني سواء من حيث مستوى وعدالة التمثيل والمشاركة والاستيعاب للقوى والفعاليات السياسية والاجتماعية أو من حيث أولويات القضايا المدرجة وأهميتها والاحتياجات الفعلية إلى إغنائها بمناقشات واسعة يتم فيها إشراك أكبر قدر ممكن من القوى السياسية والفئات الاجتماعية.
——–
تجدون المادة كاملة مرفقة في ملف بي دي إف