مدخل:
كانت مرحلة ما بعد تولي الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب فرصة شديدة الأهمية بالنسبة لخصوم إيران الإقليميين، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وخصوصًا الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، الطامح للحكم، والباحث عن مكانة في صناعة القرار في بلاده وعلى مستوى الإقليم، في دفع الأمور إلى المزيد من التصعيد ضد النظام الحالي في إيران.
وفي حقيقة الأمر؛ فقد ساعدت سياسات النظام الإيراني، ولاسيما في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، والتدخلات الإيرانية العديدة في شؤون الدول العربية، وانطلاق إيران إلى ما وراء حدود مجالها الحيوي المجاور، إلى دول لا تجاورها، لفرض مشروعها الإقليمي، مثل اليمن.
كذلك هناك نشاط إيراني كبير في دول غرب ووسط أفريقيا، وحتى مصر في بعض الفترات، بالإضافة إلى قطاع غزة، من خلال تمتين العلاقات مع فصائل المقاومة الإسلامية، مثل حركة “حماس”، وحركة “الجهاد الإسلامي”.
ولا يمكن أن ننكر أن المخاوف التي تشعر بها بعض دول الجوار، ولاسيما السعودية كذلك، من السلوك الإيراني، ذات أصل موضوعي، في ظل ما تبنته إيران في السنوات الأخيرة من سياسات، وما نفذته من خطط أوصلتها إلى حد السيطرة سياسيًّا وفعليًّا من خلال وكلاء محليين على أربعة عواصم عربية، بحسب أكثر من مسؤول إيراني، وهي: بغداد ودمشق وبيروت، فيما يعرف بالهلال الشيعي، بالإضافة إلى العاصمة اليمنية صنعاء.
وهو تصريح موجود ومعلن، أطلقه مسؤولون إيرانيون، ربما كان أهمهم، حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة الرئيس الإيراني المحسوب على تيار المحافظين المتشددين، محمود أحمدي نجاد، في أبريل 2015م.
وفي هذا الإطار، تحاول هذه الورقة أن تستقرئ بعض الأمور المتعلقة بعلاقات الأزمة الخليجية الإيرانية، في ظل التحركات السعودية المحمومة على الجبهة الأمريكية من أجل استدراك ما حققته إيران من مكاسب خلال مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م على المستوى الإقليمي وما وراء مجال إيران الحيوي.