لا تبدو السنة الجديدة سعيدة بالنسبة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وحكومته، في ظل وصول ملف أكراد سوريا إلى نقطة حرجة، تهدد بجر تركيا لحرب شاملة صريحة، تتصادم فيها القوات على الأرض، وتقوِّض حالة الاستقرار الداخلي في تركيا، مهددةً الاقتصاد التركي الذي دخل في منحنى ضعف في دورته الرأسمالية، بالرغم من إنجازاته السابقة.
انتهى اجتماع مجلس الأمن التركي مساء الأربعاء، 17 يناير 2018م، من دون اتخاذ قرار واضح بشأن عملية “عفرين” التي كان الرئيس التركي يتحدث عنها منذ شهور، بالرغم من أن الجيش التركي قد وصل بكامل عتاده إلى منطقة “هاتاي” المتاخمة للحدود السورية عند “عفرين”، وبدأ قبل أيام، عمليات قصف مكثفة على مواقع قوات حماية الشعب الكردية، التي تعتبر من أهم الأجنحة العسكرية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري “بي. واي. دي”، الذي تصفه تركيا بأنه الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني “بي. كي. كي”، التركي الانفصالي.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل القرار السياسي التركي يقف عند حافة هوة الحيرة لأسباب عديدة.
أول هذه الأسباب هو مواصلة الأمريكيين على دعم قوات الحماية الكردية، وباقي الفصائل الكردية التي يُعتبر “بي. واي. دي” الغطاء السياسي الرئيسي لها.
فبرغم أن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة “داعش” في سوريا والعراق، أن “عفرين” لا تمثل إلا اهتمامًا ثانويًّا له، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، قالت على لسان متحدث لها في ذات الوقت؛ إن الأكراد شريك لا غنى عنهم في تنفيذ إستراتيجية واشنطن في سوريا، وفي محاربة “داعش”.
وكان بالفعل موقفًا شديد الغرابة من “البنتاجون” عندما أعلن في ذات اليوم الذي بدأ فيه الأتراك في عمليات القصف المدفعي لمواقع الأكراد في “عفرين”، عن تشكيل قوة لحرس الحدود، يشارك فيها أكراد سوريا، لحفظ الأمن على حدود سوريا مع العراق، وعلى طول الحاجز الغربي لنهر “الفرات”، وهو ما يمثل خنجرًا آخر في ظهر الأتراك، وخيانة عظمى ضمن خيانات الأمريكيين لأنقرة التي قال عنها أردوغان أكثر من مرة، بعد أن تعاونت تركيا بكل إخلاص في مشروع “الفوضى الخلاقة” الأمريكي الذي بدأته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي مقابل أن الأتراك لم يستطيعوا بناء موقف إقليمي أو دولي يساندهم في مسعاهم لتدمير أكراد سوريا، وهدم “عفرين” على رؤوسهم كما قال أردوغان حرفيًّا؛ فإن الأكراد استطاعوا أن يضمنوا دعمًا لوجستيًّا وسياسيًّا واستخباريًّا متكاملاً من الروس والأمريكيين.
وقبل استعراض الموقف على طبيعته على الأرض؛ فإنه من الأهمية بمكان الانتباه إلى أمرَيْن.
الأمر الأول: أن ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكية، في إفادته يوم الأربعاء 17 يناير، أمام جامعة ستانفورد حول السياسة السورية لبلاده؛ لم يعلن أن بلاده قد تراجعت عن تأسيس القوة الحدودية، ولكنه نفى أن تكون قوة حرس حدود تركية على الحدود التركية السورية، بينما ما أعلنه “البنتاجون” أمر آخر كما تقدم.
وهو ما فهمه الأتراك؛ حيث عقب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الخميس 18 يناير، بأن الأمريكيين كلامهم متناقض في هذه الجزئية.
الأمر الثاني: أن هناك فارق زمني مهم قد تكون له دلالته بين تصريحات أردوغان المتكررة بشأن العملية، واكتمال وصول القوات التركية إلى الحدود، بل وحفرها بالفعل ثغرات في الجدار الحدودي بين البلدَيْن، وقرار مجلس الأمن القومي التركي، بضرورة التخلص من التهديد الذي يشكله الأكراد في عفرين، وبين بدء العملية العسكرية.
هذا الفارق الزمني يقول بأن تركيا لا تزال إلى الآن لم تستطع ترتيب أوراقها مع الشركاء والغرماء الإقليميين حول معركة “عفرين”، خصوصًا بعد إعلان الحكومة السورية أنها سوف تتصدى لأية طائرات تركية تشارك في العملية العسكرية المفترضة، وأنها تعتبر كلاًّ من القوات الأمريكية والتركية على أراضيها، قوة احتلال، وهو ما يضيف أعباء سياسية وقانونية – كما سوف نرى – على القرار التركي.
ويدعم من ذلك؛ أن الخارجية الأمريكية، مساء الخميس – حيث تتحرك الأحداث والمواقف بسرعة شديدة – دعت تركيا صراحة إلى عدم تنفيذ أية عمليات عسكرية في “عفرين”.
وفي هذا الإطار؛ فإن هناك الكثير من الأمور التي تحاول هذه الورقة استجلاءها في هذا الملف الذي يجمع بين دفتَيْه قضايا وإشكاليات ضخمة للغاية، سواء لجهة الأطراف المنخرطة فيها، أو لارتباطها بنواحٍ أمنية وسياسية شديدة التأثير على الشرق الأوسط بالكامل، وربما تختزل في طياتها صراع النفوذ والقوى الدولية.
أهداف العملية القريبة والبعيدة!
يهدف الأتراك من وراء حملتهم المزمعة في “عفرين” إلى أكثر من أمر، تفوق في مجموعها – هذه الأمور – قضية إنهاء الوجود الكردي المسلح والسياسي غربي الفرات، وهو الخط الأحمر التركي المعروف منذ عقود طويلة.
أول هدف هو تخريب الترتيبات التي نجح أكراد سوريا في بنائها خلال السنوات الأخيرة من الحزب في سوريا، تحت مظلة حماية وجود الأكراد كأقلية في ظل استهداف الكثير من الفصائل “الجهادية” المسلحة للأقليات في مناطق سيطرتها في شمال وغرب العراق، وفي مناطق مختلفة من سوريا، ومحاربة “داعش” الذي كانت أهم المدن التي يسيطر عليها؛ مثل “الرقة” و”دير الزور” و”الحسكة”؛ حيث كانت غالبيتها إما في مناطق مختلطة بين العرب والأكراد، أو مناطق كردية في الأصل.
الهدف الثاني الأبعد؛ هو استعادة الأرض التي خسرتها تركيا في ملفها السوري بعد التدخل العسكري الروسي، في سبتمبر 2015م؛ حيث أدى التدخل الروسي والدعم الإيراني للحكومة العراقية، إلى إفشال المخططات التركية للاستفادة من الأزمات التي تلت فوضى الخريف العربي، منذ نهاية العام 2010م، من أجل كسر اتفاقية “لوزان الثانية”، واستعادة بعض الأراضي التي كانت تحت السيطرة العثمانية، وأخذتها الاتفاقية التي أسست للجمهورية التركية، لصالح دول مثل إيطاليا واليونان وأرمينيا وسوريا والعراق.
ولا يتعلق مصطلح “استعادة الأرض”، بالأرض الجيوسياسية وممارسة النفوذ عليها؛ حيث يتصل كذلك بمصالح أوسع تتعلق بممارسة الأتراك لنفوذهم في مناطق غنية بالنفط ومهمة للأمن القومي الجيوسياسي التركي ذاته، بالإضافة إلى نقطة شديدة الأهمية في حاكميتها في السياسة التركية، وهي حماية التركمان في مناطق الظهير الجيوسياسي الحيوي التركي، والتي مدَّها رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أوغلو، حتى قلب الأرض الصينية، من خلال أقلية “الأويجور” المسلمة.
وبشكل عام؛ يبدو في الفترة الأخيرة، من خلال تحركات أردوغان وأدوات السياسة الخارجية التركية المختلفة، أنه قد تمت مراجعات كبيرة للغاية من جانب الأجهزة التركية المعنية؛ حيث وجدت أنها قد تراجعت في كثير من الميادين، بفعل الانشغال في الملف السوري، وفي القضية الكردية التي بالفعل مثلت عائقًا مهمًّا للغاية أمام محاولات تركيا التحليق خلف مجالها الحيوي.
ومن هنا نفهم جولة أردوغان الأخيرة في الفناءات الخلفية لمصر؛ في السودان وتشاد وتونس، والدعم المستمر لقطر، وإعادة تسليح بعض الميليشيات الإرهابية في ليبيا، كما أبرزت واقعة سفينة شحنة المتفجرات الأخيرة التي خرجت من ميناء الإسكندرونة التركي ذاهبة لبعض الفصائل غرب ليبيا، وضبطتها اليونان.
كذلك يتضمن ذلك الانقلاب على لغة الهدوء التي كان قد ركن إليها أردوغان في الحديث عن النظام السوري؛ حيث عاد إلى هجومه الصريح عليه، مع الإيعاز للمعارضة السياسية السورية برفض عملية “سوتشي” الروسية الرامية لعقد مؤتمر القوى الوطنية السورية إذا ما تضمن الأكراد وشروط روسية وإيرانية تتعلق ببقاء الأسد.
بل إن تركيا أخذت قرارات كثيرة في سوريا فيما يتعلق بأسلحة نوعية أمدت بها فصائل المعارضة السورية، طال بعضها الجيش الروسي وقواعده في سوريا، مثل واقعة “حميميم” و”طرطوس”، والهجمات على دمشق من ضواحيها بأسلحة قديمة يمكن تهريبها بسهولة.
كما يمكن فهم الخطاب الهجومي الجديد القديم لأردوغان، بسبب ما فقده في السنوات الأخيرة من شعبية بسبب استجابته للسياسات الروسية الإيرانية، وعدم أخذه لأية مبادرات جادة ضد إسرائيل، بينما تتحسن مؤشرات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي معها.
وبنظرة تحليلية لوسائل الإعلام الدولية التي تشكِّل واجهات حكومات وأجهزة دولها، مثل هيئة الإذاعة البريطانية، وقناة “الحرة”؛ سوف نجد أن هناك حالة من عدم الرضا عن سياسات أردوغان التوسعية من جانب حلفائه، حتى الحكومات والأجهزة الإمبراطورية السرية التي تدير السياسة البريطانية والأمريكية، والتي لعب أردوغان لحسابها في تدمير العالم العربي، مقابل ضمان بقائه كحكم يتستَّر بالرداء الإسلامي.
بمعنى أنها ترى أنه قد تجاوز حدوده، وربما لولا أنها لا تزال في حاجة إليه؛ فإن عمره الافتراضي كان قد انتهى لديها.
وهو ما بدا بالفعل في الانقلاب الفاشل عليه في يوليو 2016م، فحتى لو لم يكن هناك تورط صريح من جانب حكومات غربية في الموضوع؛ فإن ردود الفعل هناك في الغرب تشي بأنهم كانوا يرغبون في أن ينجح الانقلاب بالفعل في الإطاحة بأردوغان نيابة عنهم بعد أن ضاقوا به ذرعًا، فيما هو لا يزال يمثل أهمية لهم في مجالات أمنية وسياسية عديدة، باعتباره بوابة أوروبا الجنوبية الشرقية.
عوائق أمام العملية
هناك عوائق أخرى شديدة الأهمية أمام الأتراك من أجل بدء عملية برية واسعة النطاق في شمال سوريا ضد الأكراد؛ حيث لا يمكن للأتراك تحقيق أهدافهم من خلال القصف المدفعي وحده، أو القيام بطلعات جوية فوق “عفرين”، لأن هذا من شأنه إسقاط مدنيين، مما سوف يفاقم من الثمن السياسي الذي سيدفعه الأتراك، ولذلك؛ فإن العمليات البرية هي الخيار الأكثر قدرة على تحقيق هدف انتقائي مثل الذي تريده تركيا.
وقبل تناول هذه العوائق بشكل مُفصَّل؛ فإنه ينبغي التأكيد على أن موقف الخارجية الأمريكية المعلن مساء الخميس 18 يناير؛ يُعتبر عامل حسم كبير في مسألة التدخل من عدمه، وربما تثبت الأيام ذلك.
وبالتالي؛ فإنه ينبغي القول إن الموقف الأمريكي لم يكن ليصدر بهذا الوضوح، ما لم يكن الأمر بتنسيق مع الروس، وفق تجارب الماضي القريب في الحرب في سوريا.
وبالعودة إلى العوائق تفصيلاً؛ فإن العائق الأول، هو العائق القانوني؛ حيث لم تقدم الحكومة التركية أية أدلة إلى الآن على تورط أكراد سوريا في عمليات مسلحة أو السعي إلى إحداث فوضى داخل تركيا، بخلاف عملية “درع الفرات”؛ حيث بررت تركيا تدخلها بأنه كان لتأمين حدودها الجنوبية عند جرابلس والمناطق المجاورة من القصف الصاروخي الداعشي على “كيليس” ومناطق أخرى جنوبي تركيا.
وبالتالي؛ فإن أية عملية برية واسعة لتركيا ضد الأكراد؛ سوف يكون اعتداءً صريحًا على دولة أخرى وفق القانون الدولي، خصوصًا وأن الأكراد لا يمثلون فحسب المناطق التي تهدد تركيا باجتياحها، وإنما هناك مكونات أخرى ديموجرافية لها أطر عسكرية وسياسية حزبية، مثل العرب.
كما أن الأحزاب الكردية قالت إنها لم تقم قط بمهاجمة الحدود التركية، ولم ترد على النيران الآتية من داخل الأراضي التركية.
العائق الآخر أمني؛ حيث إن الموقف لن يمر بسهولة على تركيا، وما سوف تقوم به في “عفرين”؛ قد يُسمَع صداه في المدن التركية، من جانب فصائل كردية راديكالية، مثل “صقور كردستان” التي قامت بأكثر من عملية داخل أنقرة وإسطنبول ذاتهما، في السنوات القليلة الماضية.
وهذا قالوه الأكراد صراحةً في أكثر من موقع على شاشات وسائل الإعلام الدولية المهمة، مثل “الحرة” و”بي. بي. سي” و”فرانس 24″.
كما أن هناك مشكلات أخرى في الجانب الأمني تجعل المسألة أكثر صعوبة على السلطات التركية، مثل ملف “داعش” – أكثر من خمسة آلاف معتقل وثلاثين ألف مُبعَد في الأشهر الأخيرة فقط – وملف اللاجئين السوريين.
سياسيًّا؛ لا يبدو العالم متحمسًا لعملية عسكرية تركية في شمال سوريا تزيد من أعباء الموقف على التحالف الدولي، من فوضى وموجات نزوح – حوالي ما بين ربع مليون إلى 300 ألف في الأسبوع الأخير فقط من إدلب والمناطق المجاورة لـ”عفرين” – بالإضافة إلى أن القرار التركي المنفرد في سوريا غير مرغوب فيه من جانب كل القوى الفاعلة هناك، خصوصًا الروس والأمريكيين والإيرانيين.
والأمريكيون بالذات؛ سيرون في التدخل التركي المنفرد في شمال سوريا ضد الأكراد، تدميرًا لسياساتهم خلال السنوات الماضية في الملف السوري، والأكراد عمود أساس فيه، وتقوم على أساس مهم، وهو محاربة “داعش”، ثم بدء عملية سياسية في سوريا، تضمن وحدة الدولة، وكذلك رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
محاربة الأكراد – الذين أكدوا تمسكهم بوحدة الأراضي السورية، وكانوا من الذكاء بحيث ضموا تحالفات عربية إلى قواتهم – الذين يحاربون “داعش”؛ سوف يؤكد اتهامات كثيرة لتركيا ظهرت عليها أدلة كبيرة في السنوات الأخيرة؛ بأنه تركيا تدعم “داعش” و”النصرة” وفصائل أخرى مُصنَّفة إرهابية في سوريا لحساب أجنداتها الخاصة.
الأمر المهم كذلك في النواحي السياسية؛ أن الحلفاء السوريين المسلحين على الأرض لا يبدو أنهم متحمسين للعب دور المرتزقة علنًا هذه المرة لحساب الأتراك ضد الأكراد.
فالمعارضة السورية المسلحة، وصلبها “الجيش السوري الحر”، قاتلت في “درع الفرات” لأن الهدف كان “داعش”، و”داعش” عقبة كبيرة كانت أمام مشروع الثورة السورية واستكمالها كما يقولون، ولكن الحرب ضد الأكراد شيءٌ مختلف؛ حيث فيهم مكوِّن عربي يحارب معهم، ووقتها سوف تظهر المعارضة السورية كمرتزقة حقيقية للقرار التركي، وأنها تحارب بالوكالة عن تركيا لأمور لا تتصل بأي مصلحة سورية، ويقتلون مواطنيهم السوريين برغم أنهم قالوا إنهم انشقوا عن نظام الأسد وجيشه لحماية السوريين من بطشه.
ولا يجب الالتفات إلى عمليات القصف بصواريخ “جراد” التي قامت بها قوات “درع الفرات” “السورية” على “عفرين” الثلاثاء والأربعاء، 16 و17 يناير؛ حيث الصدام على الأرض شيء آخر.
في السنوات الأخيرة، أثبت الاكراد أن لديهم بالفعل قوة عسكرية ضاربة لا يُستهان بها، واستطاعوا تحقيق إنجازات ضخمة على الأرض في المجال العسكري، ومعارك مثل “عين العرب” أو “كوباني”، واستعادة “الحسكة” و”دير الزور” و”الرقة”، وغيرها، أثبتت أنهم حتى أكثر قدرة إستراتيجيًّا وتنظيمًا من الجيش السوري النظامي، بالإضافة إلى ترتيب أوراقهم السياسية بشكل شديدة الكفاءة يضمن انقلاب السحر على الساحر حال مهاجمتهم.
وبالتالي، وفي ظل هكذا أوضاع في صورتها الشاملة السابقة؛ لا أحد يدري كيف سوف يتصرف أردوغان؛ حيث إن مجلس الأمن القومي التركي لم يقدم له الدعم المطلوب، وصار هناك فجوة زمنية كبيرة بين تهديداته وبين العملية العسكرية المزمعة، تشير إلى أنه تلقى الكثير من التحذيرات من عواصم مهمة بعدم التدخل عسكريًّا في “عفرين” بشكل مباشر، فيما أدواته على الأرض في سوريا غير قادرة على أي فعل.
ولكنه في النهاية قد يقدم على قرار قد يكون فيه انتحارًا تركيًّا؛ حيث إن الاقتصاد التركي ولا القدرات العسكرية التركية تسمح لها بمجاراة سياسات أردوغان المغامِرة التي فتحت على تركيا بوابات عدة؛ فهو بقواته في قطر، وفي الصومال، وفي السودان، وفي تشاد، والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها بلاده لدول أفريقية وآسيوية لضمان ولاء أنظمتها وحكوماتها، تساوي ربع المساعدات الخارجية الأمريكية، بينما تركيا في النهاية بلد نامٍ.
———–
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية