*أحمد التلاوي:
كان من بين أهم المحطات التي شهدتها الحرب الراهنة في اليمن، العمليات العسكرية التي وقعت في النطاق الجيوسياسي الخاص بمنطقة باب المندب، التي تُعتبر من أهم المناطق ذات الاهتمام الاستراتيجي على مستوى العالم، وتُعتبر قضية الأمن الإقليمي فيها وفيما حولها على رأس أجندات القوى الدولية الكبرى، منذ حفر قناة السويس قبل أكثر من قرن ونصف القرن من الزمان.
ويتماس أمن هذه المنطقة، مع أكثر من ملف من ملفات الأمن الإقليمي والدولي؛ حيث هي ملتقى طرق التجارة العالمية، سواء تلك القادمة من آسيا إلى أوروبا عبر قناة السويس، أو المتجهة من آسيا إلى أوروبا الغربية والأمريكتين عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
كما أنه يمثل عصب الاقتصاد والأمن القومي لأطراف إقليمية عدة كبرى، من بينها مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى إسرائيل.
ولقد أثار النشاط العسكري الذي نُسِبَ إلى الحوثيين، الكثير من عوامل القلق المتصاعدة أصلاً في ظل التطورات التي تشهدها اليمن منذ أغسطس 2014م وحتى الآن، مع عدم التوصل إلى حلٍّ للصراع السياسي والعسكري الراهن، والذي فاقم منه التدخل العسكري السعودي، والذي أدى إلى تدمير الكثير من مظاهر العمران، وشيوع الفقر والنزوح من جانب ملايين السكان.
وتتناول هذه الورقة، نظرة على الأهمية الكبيرة لمضيق باب المندب، ومجاله الحيوي، ممثلاً في القرن الأفريقي، وخليج عدن، وصولاً إلى خليجَيْ السويس والعقبة، وإقليم قناة السويس، وموضع هذه القضية من مجالات اهتمامات الأطراف المختلفة بالأزمة اليمنية والعدوان السعودي على اليمن.
وتطرح الورقة في هذا الإطار، مجموعة من الأسئلة، من بين أهمها، هو ما هو مستوى هذه الأهمية بالنسبة للقوى الإقليمية المختلفة، ولاسيما مصر، وكيف يدير الحوثيون الملف للحصول على مكاسب إقليمية من خلال ضغوط محسوبة، بالإضافة إلى البدائل التي يمكن لحكومات المنطقة تبنيها في صدد التعامل مع هذا الملف.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية