• الصفحة الرئيسية
  • دراسات وابحاث
  • تقارير ومقالات
  • كتب
  • قياس رأي
  • ترجمة
  • وثائقيات
  • فعاليات وانشطة
  • اصدرات المركز
  • تواصل معنا
  • اقتصاد وتنمية
  • EnglishEnglish

Author: محمود الطاهر

Browse: Home / محمود الطاهر / Page 5
سبتمبر07
كيف يُهيمن المال ورجاله على السياسة والحكم في العالم العربي؟

كيف يُهيمن المال ورجاله على السياسة والحكم في العالم العربي؟

جاءت إقالة رئيس الوزراء الجزائري السابق، عبد المجيد تبون، من منصبه هذا بعد أقل من ثلاثة أشهر على تعيينه؛ لكي تفتح المجال واسعًا للحديث عن مشكلة، وتحدٍّ، شديدَا الأهمية، تواجه الدولة القومية الحديثة في العالم العربي، ويرى البعض أنها تهدد بإدخال الكثير من الكيانات السياسية العربية، في قائمة الدول الأكثر فشلاً في العالم.

وتتعلق هذه المشكلة بإحدى صور الفساد الخاصة جدًّا، والتي بدأت في التمدد خلال العقدَيْن الأخيرَيْن، وهي هيمنة رجال الأعمال، بنفوذهم ومصالحهم، على الواقع السياسي، وبالتالي المجتمعي في دولهم، وتنفذهم في القرار السياسي، من مستوى العمل الحزبي الأدنى، وحتى مستوى القرار السياسي الإستراتيجي في قصور الحكم.

وأنتجت هذه الحالة، التي طالت أنظمة وحكومات دول راسخة ذات تاريخ عريق، ظاهرة عرفت في الأدبيات السياسية، بظاهرة تزاوج المال والسلطة، وهو أحد أسوأ صور الفساد وفق تعاريف الأمم المتحدة ومنظمة الشفافية العالمية، وتُعتبر بالفعل من أهم بواعث فشل الدولة على المستويَيْن السياسي والمؤسسي.

وفي هذا الإطار، تتناول هذه الورقة مجموعة من الملاحظات على التغيير الوزاري الأخير في الجزائر، ودلالاته في هذه القضية الكبرى، وكيف تقود سياسات الأنظمة الحاكمة إلى هدم الأوطان، وخدمة خصوم الأمة في الخارج.

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
أغسطس31
لماذا تدعم تركيا قطر في الأزمة الخليجية؟

لماذا تدعم تركيا قطر في الأزمة الخليجية؟

بالرغم من أن الموقف التركي في بداية الأزمة القطرية مع الدول الخليجية الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر؛ لم يكن واضحًا في حدود دعمه أو تبنيه لموقف أحد طرفَيْ الأزمة؛ إلا أنه، وفي الأسبوعَيْن التاليَيْن لاندلاع الأزمة، في الخامس من يونيو الماضي؛ أخذ الموقف التركي شكلاً أكثر وضوحًا في دعم الموقف القطري، بمختلف الآليات، السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وكانت تركيا في البداية، لا ترغب في دعم صريح للدوحة، حليفتها الأساسية فيما يُعرَف بالربيع العربي، ودعم جماعات ما يُعرَف بـ”الإسلام السياسي”؛ وخصوصًا الإخوان المسلمين، بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية التركية مع دول الأزمة الأخرى في الخليج، وخصوصًا الإمارات والسعودية.

إضافة إلى ذلك، رأت القيادة السياسية التركية أن أي تبنٍّ صريح لموقف ما من الأزمة لصالح هذا الطرف أو ذاك، سوف يقود إلى خسارة تركية صريحة للطرف الآخر، بينما تركيا تعاني من عزلة حقيقية بفعل تطورات الحرب في سوريا، والأحداث السياسية في العراق، منذ معركة الموصل وحتى الآن، بجانب الأزمة المتفاقمة في العلاقات مع أوروبا.

وفي هذا الإطار؛ تتناول هذه الورقة؛ معالم من السياسات التركية في الأزمة الخليجية القطرية، وأسباب وضوح الدعم التركي لقطر، بشكل يتجاوز قصة المصالح الاقتصادية والأمنية..

أولاً: جذور الموقف التركي.. السياسات الأردوغانية وأزمة عزلة تركيا:

قد يكون من المستغرب القول، إن السياسات الروسية في الملف السوري؛ تُعتبر من بين أهم العوامل التي دفعت تركيا إلى الدعم الصريح للموقف القطري على حساب علاقاتها الأخرى مع دول الخليج التي تناصب الدوحة العداء.

ويمكن تحديد نقطة زمنية مهمة في هذا الصدد، وهي توقيت اندلاع الأزمة في العلاقات بين موسكو وأنقرة، بعد إسقاط القوات الجوية التركية لمقاتلة روسية من طراز “سوخوي”، فوق الأجواء السورية، في نوفمبر 2015م.

أدت الأزمة إلى عقوبات وضغوط روسية كبرى على تركيا، مسَّت مصالح حيوية تركية، وخصوصًا في المجال الاقتصادي، مما اضطر أنقرة إلى تقديم تنازلات كبيرة لروسيا، وكانت سوريا المجال الأهم لهذه التنازلات؛ حيث حوَّلت بموجبها تركيا سياساتها إزاء الأزمة السورية بشكل كبير؛ حقق انتصارات ونجاحات عدة في صالح النظام السوري.

ومن بين أبرز آثار ذلك، هو نجاح موسكو والنظام السوري، وبطبيعة الحال حلفائهما على الأرض، وعلى رأسهم إيران، في معارك حلب وحمص واستعادة النظام السوري للسيطرة على غالبية المدن السورية الرئيسية، وتجميع غالبية فصائل المعارضة السورية المسلحة، في إدلب شمال غرب سوريا، مع رفع أنقرة لدعمها العسكري عن الكثير من هذه الفصائل.

كذلك كان لمجموعة من التطورات السياسية والإعلامية التي أحاطت بالدور التركي في الأزمة السورية، وفي أزمات ودول المنطقة الأخرى، مثل مصر وليبيا، دورها في تكريس حالة العزلة التي بدأت تتعرض لها تركيا بفعل ردات الفعل إزاء سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والتي أخذت طابعًا سلطانيًّا أو إمبراطوريًّا، وخصوصًا في مناطق نفوذ قديمة لتركيا، في شمال العراق وسوريا.

وكانت التصريحات المتتالية من جانب أردوغان عن “تركيا العثمانية” مصدر قلق كبير في هذا الصدد، بالنسبة لأطراف عدة في الإقليم.

لذلك جوبه بموقف قوي من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، فيما يتعلق بمسألة مشاركة تركيا العسكرية في معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم الدولة “داعش”؛ حيث كان الرفض العراقي قاطعًا فيما يتعلق بمشاركة القوات التركية المرابطة في معسكر بعشيقة، شمال الموصل، في المعركة، في ظل أحاديث تركية عدة عن تبعية مناطق شمال العراق، ومن شمال سوريا، لتركيا قديمًا.

وساهم من عزلة تركيا؛ السياسات الهجومية التي تبناها أردوغان إزاء الاتحاد الأوروبي، والتي تنامت في مرحلة ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في يوليو 2016م، عندما رأت تركيا أن “تعاطفًا” إن لم يكن “تواطؤًا” كذلك، من جانب الأوروبيين والأمريكيين، مع المحاولة التي استهدفت حياة أردوغان ذاته.

ويستند الدعم التركي لقطر في هذا الإطار إلى أمرَيْن أو باعثَيْن مهمَّيْن.

الباعث الأول؛ هو أن قطر بعد أن كانت شريكًا رئيسيًّا لأنقرة في سياساتها الإقليمية؛ فإنها تحولت لأنْ أصبحت في ظل هكذا ظروف عزلة تواجهها تركيا؛ هي الشريك الوحيد تقريبًا.

وازدادت أهمية هذا المنفذ السياسي المهم للسياسة التركية، في ظل تحركات مصرية وإماراتية ناجحة، حاصرت النفوذ التركي في مناطق عدة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، وأثرت كثيرًا على مصالح حيوية تركية.

وكان أهم هذه التحركات، هو ما قامت به القاهرة في اتجاهَيْن.

الأول، هو محاصرة النفوذ التركي في ألمانيا ووسط أوروبا، من خلال اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية عدة مع ألمانيا، ساهمت فيها المخابرات العامة المصرية، أطلعت فيها الحكومة الألمانية على حقيقة أنشطة الجمعيات والمؤسسات التركية التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، في ألمانيا، بالتعاون مع مؤسسات تابعة لحركة “حماس” والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

ويمكن القول باطمئنان إن القاهرة قد نجحت في مفصل إستراتيجي مهم، فصل تركيا عن أوروبا بالكامل، في ظل الأهمية التي كانت تمثلها العلاقات الألمانية التركية في تحقيق التمدد التركي في وسط ثم غرب أوروبا بالتالي.

ومن نافلة القول إن ذلك أثَّر على ملف مهم من ملفات السياسة الخارجية التركية، كان أردوغان يأمل في أن يحقق فيه اختراق يدعم به تجربته، وهو ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي.

ويكفي هنا للتدليل على الأزمة العميقة التي تواجه تركيا في هذا الأمر، الإشارة إلى تصريح وزير الخارجية الألماني، جابرييل زيجمار، الذي قال فيه إن تركيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي أبدًا هي تحت حكم أردوغان.

وبطبيعة الحال؛ فإن دعاية المحور العربي الذي يضم مصر والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى ما قامت به روسيا في هذا الصدد، خلال فترة أشهر أزمة السوخوي، قد أدى إلى انكشاف موقف تركيا في مسألة دعم الجماعات المسلحة في سوريا، بما في ذلك جماعات مصنفة إرهابية، مثل “داعش” و”النصرة”، بل وتبادل صفقات النفط والسلاح معها، وهو ما آذى الصورة الذهنية للحكومة التركية في أوروبا بالكامل، وزاد من عزلتها بالتالي.

الثاني، هو تهديد المصالح التركية في مكامن الغاز والطاقة في البحر المتوسط، من خلال سلسلة من الاتفاقيات مع دول خصمة لأنقرة، مثل اليونان وقبرص اليونانية، منحت كلاهما حقوق في مصادر الغاز في شرق المتوسط، والذي يُعتبر أحد الملفات المرشحة لأن تكون سببًا مهمًّا في نزاعات مستقبلية في المنطقة، مع ارتباطها بخصومات سياسية ومصالح اقتصادية كبرى لدول المنطقة.

وهنا نشير إلى أمر مهم في ذهنية الحكومة التركية في التحرك في الأزمة الراهنة، وهو أن قطر هي صاحبة ثالث أكبر احتياطي وثالث أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي في العالم، بعد كل من روسيا وإيران على التوالي؛ حيث تستحوذ قطر على احتياطيات غاز تمثل نحو 14% من الاحتياطي العالمي المكتَشَف.

وغالبية الاحتياطي والإنتاج القطري يأتي من حقل الشمال العملاق، والذي كان له دور كبير في تحريك الموقف دوليًّا لمصلحة قطر في الأزمة الحالية، بفضل سياسة قطرية استغلت الشركات الكبرى العاملة في هذا القطاع، للضغط على حكوماتها، من أجل ممارسة ضغوط بدورها على دول المقاطعة الخليجية والعربية.

وهنا يكمن جانب مهم من أهمية قطر لتركيا، التي تعاني من عوزٍ في الغاز الطبيعي، وكان ذلك أحد أهم عوامل الضغط الروسي على تركيا؛ حيث روسيا هي أكبر مزوِّد بالغاز، لتركيا وأوروبا بالكامل.

الباعث الثاني، هو أنه لا يخفى على أحد، وهو ما تدركه أنقرة جيدًا، أنها هي الهدف المرشَّح بعد قطر، للتحالف الذي يضم أقطابًا عربية هي الأكبر في المنطقة، مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن.

فمن البديهيات، أن العوامل الأصلية التي دفعت دول المقاطعة إلى مهاجمة قطر، منبتها الأصلي في تركيا؛ فمهما بلغ الدعم القطري للإخوان المسلمين، والإسلام السياسي، وما يُعرَف بثورات الربيع العربي؛ فإنه لن يبلغ أبدًا ما تقوم به تركيا، كفارق قدرات على الأقل.

وبالتالي؛ فإنه من البديهي أن تكون تركيا هي الهدف متى فرغ التحالف العربي من قطر، بل إن بعض المحللين يرى في أن استهداف قطر يهدف تركيا في الأصل، باعتبار أن قطع الذراع القطري؛ يضمن عدم قدرة تركيا على دعم القوى الساعية إلى تغيير الأنظمة الحالية في الدول الخصمة.

وبالفعل؛ فإنه من بين المطالب الثلاثة عشر الشهيرة التي قدمتها الدول الأربع المقاطعة لقطر، غلق القاعدة العسكرية التركية في قطر.

ثانيًا: اتجاهات الدعم التركي لقطر

في هذا الإطار؛ لم يتأخر الدعم التركي المباشر للدوحة كثيرًا. فبعد يومين فحسب من اندلاع الأزمة، أقر البرلمان التركي اتفاقية التعاون العسكري الموقَّعة بين الجانبَيْن التركي والقطري في العام 2017م، وبموجبه أرسلت تركيا دفعات من قواتها إلى هذه القاعدة، كما أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع الدوحة.

بل إن هناك تقارير أشارت إلى تولِّي جنود أتراك مهام تامين على الحدود القطرية مع السعودية، في ظل تقارير في بداية الأزمة، ذكرت أنه من الممكن أن يحدث تدخل عسكري لإسقاط حكم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة.

وتعددت اتجاهات الدعم التركي لقطر؛ حيث شمل مواقف سياسية، من بينها تأكيد أردوغان خلال استقباله وزير الخارجية القطري في السادس من يوليو الماضي، على دعم تركيا الكامل لقطر قائلاً إن مطالب الدول الأربع المقاطِعة للدوحة “غير مقبولة”.

وشمل الدعم كذلك إرسال سفن مساعدات، مع افتتاح خط بحري مباشر بين قطر وتركيا، ضمن سلسلة خطوط شملت كلاًّ من باكستان وإيران، لتعويض الدوحة فقدانها لميناء جبل علي الإماراتي، بعد وقف حركة الطيران والملاحة القطرية في الأجواء والمياه الإقليمية لكلٍّ من الإمارات والبحرين والسعودية، ضمن الإجراءات العقابية التي قامت بها الدول الخليجية الثلاث ومصر، إزاء الدوحة منذ بداية الأزمة.

ومن الواضح أن الأتراك لا يعولون في هذا الصدد على أي تدخل أمريكي أو غربي لمعالجة الأزمة، وبالتالي؛ فإنهم نزلوا بثقلهم في الأزمة، وبات من الواضح أنهم لن يتراجعوا، مهما كان الثمن الاقتصادي الذي يمكن أن يدفعوه من مصالحهم مع الدول الخليجية الأخرى.

وتعود القناعة التركية في هذا الصدد، إلى نتائج الوساطة الأولى التي حاولها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون في جولته التي قام بها في المنطقة، في يونيو الماضي، وكذلك وساطات دولية أخرى قامت بها دولٌ كبرى مثل ألمانيا وفرنسا.

فمن خلال جولات عدة لوزراء خارجية ومسؤولين من هذه الدول؛ بات من الواضح إصرار دول المقاطَعَة على موقفها، بينما الدول الكبرى تنأى بنفسها عن الأزمة، بانتظار تطوراتها، وإن مالت المواقف الدولية إلى التأكيد على ضرورة عدم التصعيد في الأزمة إلى مستوىً أكبر من ذلك.

ويرى مراقبون أن ذلك بجانب التدخل التركي المباشر بالفعل كان وراء وقف التصعيد، وثبات الإجراءات التي تبنتها الدول المقاطِعة لقطر عند هذا المستوى، وإن كانت هناك مؤشرات تقول بأن هناك إجرءات أخرى في المستوى السياسي تتم من وراء الكواليس؛ مثل إعداد خليفة محتمل للشيخ تميم، ممثلاً في الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، الذي برز في أزمة الحجاج القطريين مؤخرًا.

وفي الأخير؛ فإنه من الواضح أن التحالف القطري التركي قائم على أساس مصالح مشتركة تمثل مصالح أمن قومي لكلا البلدَيْن، كما أن كلاهما يضمن للآخر أن تستمر سياساته، ولا يكون منعزلاً عن السياق الإقليمي بشكل أكبر مما هو قائم الآن.

وبالتالي؛ فإنه من غير المنتَظَر أن تقف تركيا في منتصف الطريق، خصوصًا وأن العلاقات التركية الإماراتية على وجه الخصوص، تعاني في الأصل من أزمة مكتومة، بعد اتهامات تركية شبه رسمية لأبوظبي بدعم المحاولة الانقلابية التي تمت على أردوغان في يوليو 2016م.

ولكن يتبقى الإشارة إلى أنه، لئن كانت الإجراءات الخليجية العربية لم تطال تركيا الآن بشكل مباشر؛ فإنه من المرجح أن تطال هذه الإجراءات، تركيا، ولكن بعد تطور سياسي معين في الداخل التركي؛ يضعف أردوغان!..
———–

*أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

أغسطس19
إشكالية الفصل بين الدين والسياسة

إشكالية الفصل بين الدين والسياسة

الدين والسلطة والسياسة؛ أفكارٌ ونُظُمٌ محمَّلة بقدرٍ كبيرٍ من المعاني المتراكمة على مدار التاريخ، وغالبًا ما تُوضَع لها تعريفاتٌ — سواءٌ على نحوٍ مُنصِف أو جائر — في إطار هذه السياقات التاريخية والاجتماعية.

في هذا الكتاب المثير للفكر، يُقدِّم إيفان سترينسكي تحليلًا للمفاهيم والتأثيرات المحورية للدين والسياسة والسلطة، كما يُقدِّم إطارًا نظريًّا جديدًا نرى من خلاله ما تَعْنِيه هذه المفاهيمُ والتأثيراتُ في المجتمع المعاصر.

يطرح المؤلفُ رؤيةً نقديةً للنظرة الدينية والسياسية لمفكِّرين مثل طلال أسد وميشيل فوكو، ويتجاوز النظريةَ إلى تطبيقِ إطاره الفكري على عددٍ من قضايا الواقع ليُقدِّم لنا رؤًى كاشفة. يمتاز الكتاب بالعمق والتشويق، ويُقدِّم إسهامًا مهمًّا، ومبتكرًا إلى حدٍّ كبير، ليساعدنا على استيعاب تلك المفاهيم، كما يحاول تغييرَ نظرتنا التقليدية للسياسة والدين.

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
أغسطس13
أزمات البيت الأبيض وسياسات ترامب الشرق أوسطية.. معطِّلات وتراجعات!

أزمات البيت الأبيض وسياسات ترامب الشرق أوسطية.. معطِّلات وتراجعات!

* “بعد توالي الاستقالات من الإدارة الأمريكية.. هل يأتي الدور على ترامب؟!”.. في حقيقة الأمر؛ فإن هذا السؤال الذي طرحته بعض وسائل الإعلام ومراكز البحوث، وعنونَتْ به تقاريرها، من المشروعية بمكان، بحيث بالفعل يمكن النظر إليه باعتباره تنبؤًا، أو على أقل تقدير، احتمال قريب، قد يحدث، ويتكرر معه ذات سيناريو الأزمة التي واجهتها الولايات المتحدة في السبعينيات الماضية، فيما عُرِف بفضيحة “ووتر جيت”، عندما تورط الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون في فضيحة تنصت على خصومه الديمقراطيين.

فمنذ أن تولى ترامب سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، وقد خسر فريقه الرئاسي حوالي 14 شخصية من أهم أركان إدارته، وكان آخرهم مدير الاتصالات في البيت الأبيض، أنتوني سكاراموتشي الذي غادر منصبه، إقالةً أو استقالة، بعد مرور 10 أيام فقط من توليه منصبه هذا، بعد تولي وزير الأمن الداخلي السابق، جون كيلي، منصب كبير موظفي البيت الأبيض؛ حيث لا تُعتبر العلاقة فيما بينهما مثالية تمامًا لأن يقوم بينهما تعاونًا بناءً على المستوى المهني بأي شكل من الأشكال.

وبطبيعة الحال؛ لا تُعتبر هذه التطورات المتلاحقة التي يشهدها البيت الأبيض، بيئة عمل صحية يمكن معها إنجاز سياسات سليمة، واتخاذ قرارات فعالة، ولاسيما في القضايا الكبيرة التي تتعلق بمصالح الأمن القومي الأمريكية.

وتحاول هذه الورقة في هذا السياق، دراسة حالة الارتباك المؤسسي التي تعاني منها الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن على مستوى القمة، في البيت الأبيض، وكيف قاد ذلك إلى تسلم المؤسسات القومية الأهم وفق الدستور الأمريكي، مثل وزارتي الدفاع (البنتاجون) والخارجية، إدارة سياسات الولايات المتحدة في الملفات الأهم، داخليًّا وخارجيًّا، ومن بينها قضايا وأزمات الشرق الأوسط.
———–

*أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
أغسطس10
سنة 501 الغزو مستمر.. نعوم تشومسكي

سنة 501 الغزو مستمر.. نعوم تشومسكي

واحدة من الأعمال الأكثر أهمية لتشومسكي على عكس العديد من كتبه الأخرى التي تتعمق دراية في الاقتصاد.

إن ما يرويه تشومسكي في هذا الكتاب هو تاريخ دموي، أسود، عانى منه أغلب سكان العالم، وتشومسكي يستغل الاحتفال بمرور 500 عام على وصول كولومبوس إلى أمريكا 1492 م، ليكتب كتابه هذا راويا بأسلوبه الساخر المرير حكاية هذا الرعب الذي نشره الأوربيون على مدار الخمسمائة سنة الماضية على أمم الأرض.

منذ إبادة سكان العالم الجديد الأصليين، ونهب أفريقيا وتخريبها ونقل أهلها في سفن العبيد ليكونوا القوة العاملة التي تبنى العالم الجديد للسادة البيض إلى ضرب اليابانيين بالقنابل الذرية، ودك مدنهم بألف طائرة، وحرق فيتنام، وسياسة السيطرة والإفقار التي مورست على الأمريكيين الجنوبيين.

الكتاب ليس تاريخا، هو إعادة قراءة للتاريخ السياسي، وهذا يشمل الحرب الباردة التي يرى تشومسكي أنها مثال آخر على حرب الشمال والجنوب، التي لازالت قائمة منذ خمسمائة عام..

استمتع بقراءة وتحميل كتاب سنة 501 العزو مستمر للكاتب نعوم تشومسكي

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
أغسطس08
اتفاق السرَّاج- حفتر.. هل يصمد أمام عواصف الممانعة؟

اتفاق السرَّاج- حفتر.. هل يصمد أمام عواصف الممانعة؟

لم يدُم التفاؤل كثيرًا بالاتفاق الذي تم التوصل في العاصمة الفرنسية باريس، في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، بين كل من رئيس حكومة التوافق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة، فايز السرَّاج، وقائد الجيش الوطني الليبي التابع لبرلمان طبرق المُعترف به دوليًّا، المشير خليفة حفتر.

فبالرغم من الأضواء التي أحاطت بالاتفاق، والتقارير التي أشارت إلى أنه قد يكون مفتاحًا للتوصل إلى حل لأزمة الانقسام في ليبيا، من خلال الاتفاق على وقف إطلاق النار عدا المناطق التي تشملها عمليات مكافحة الإرهاب – مناطق تمركزات تنظيم الدولة “داعش” والقاعدة بالأساس – ثم بدء عملية انتخابية شاملة بحلول ربيع العام 2018م؛ إلا أن بعض الحوادث التي جرت بعد الاتفاق؛ لا تبشر بصموده.

وعلى رأس هذه الحوادث، موضوع “التواجد” – يسميه البعض تدخلاً والبعض الآخر تعاونًا بحسب هذا الطرف أو ذاك – العسكري البحري الإيطالي في المياه الإقليمية الليبية، والذي برغم صغره؛ إلا أن له تأثيرات هائلة على الحدث الليبي، كما سوف  نرى، بالإضافة إلى بعض التحركات التي قامت بها الأطراف التي كانت صاحبة القرار سلفًا قبل انتخاب البرلمان الحالي في طبرق.

وعلى رأس هذه الأطراف، مجموعة المؤتمر الوطني العام، الذي تم تشكيله بعد الإطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي، في أكتوبر من العام 2011م، ومن بينهم خليفة الغويل، رئيس ما يعرف بحكومة الإنقاذ، والتي تُعتبر امتدادًا للمجموعة التي أفرزها المؤتمر، مثل نوري بوسهمين، وعبد الله الثني، ممن هم على صلة وثيقة بالأتراك وحلفاء الإخوان المسلمين الإقليميين والدوليين، كما في الدوحة ولندن.

وفي حقيقة الأمر؛ فإن أهمية الاتفاق تأتي من أنه في حالة نجاحه؛ فسوف يكون تجربة غير مسبوقة في نجاحها في إخراج بلد من العالم العربي والإسلامي، من تلك البلدان التي سقطت في الفوضى الهدامة، من حالة فشل الدولة هذه.

في هذا الإطار، تسعى هذه الورقة إلى تناول محتوى الاتفاق وفرص نجاحه وفشله، وأسباب سعي بعض الأطراف الأقليمية إلى إفشاله.

أولاً: نظزة على الاتفاق:
في البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الذي جمع بين حفتر والسرَّاج، بحضور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون؛ فإننا يمكن أن نرى المعالم الرئيسية للاتفاق على النحو التالي:

– أهم بنود البيان، هو اتفاق طرفَيْه على أن معالجة الأزمة الليبية لا يتم سوى بالوسائل السياسية، ومن خلال مصالحة وطنية “يشارك فيه كافة الليبيين”، تتضمن “العودة الآمنة للنازحين والمُهَجَّرين”، واعتماد إجراءات العدالة الانتقالية المتفق عليها بعد الإطاحة بنظام القذافي، وأقرها المؤتمر العام.

– يتفق الطرفان على العمل على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية “في أقرب وقت ممكن” (من دون تحديد سقف زمني ولكن تقارير أشارت إلى موعد بين أبريل ومايو 2018م) بالتنسيق مع المؤسسات المعنية (لم يحددها البيان)، ولكنه أشار أن الانتخابات لم تمت، سوف تكون بدعم الأمم المتحدة وإشرافها.

– دعا الطرفان مجلس الأمن الدولي إلى دعم مسار التسوية السلمية في ليبيا، كما طلب من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة – غسان سلامة – القيام بالمشاورات اللازمة بين مختلف الأطراف الليبية.

– فيما يخص الجوانب الأمنية؛ أكد الطرفان على التزامهما بوقف إطلاق النار، وتفادي اللجوء إلى القوة المسلحة في جميع المسائل الخارجة عن نطاق مكافحة الإرهاب، وحماية الأراضي الليبية وسيادة البلاد، كما التزما بإدانة كل ما يهدد استقرار ليبيا، كما اتفقا على العمل على دمج المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى القوات النظامية، ونزع السلاح وتسريح باقي المقاتلين وإعادة دمجهم في الحياة المدنية.

– سياسيًّا، وفيما يخص شكل الدولة الليبية؛ تعهد الجانبان بالسعي إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية ذات سيادة، تحترم سيادة القانون وتضمن فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان وتتمتع بمؤسسات وطنية موحدة، مما يضمن أمن المواطنين ووحدة الأراضي وسيادة الدولة.

وبشكل عام؛ فإن البيان حرص على التأكيد على دور الأمم المتحدة في مراقبة العملية السياسية والأمنية في ليبيا، فقد أكد على أن “اتفاق الصخيرات” الموقع في العام 2015م، برعاية الأمم المتحدة المرجعية الأساسية لتنفيذ ما جاء في “بيان باريس”، مع ضرورة وضع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، في صورة أية اتفاقيات أو ترتبيات تتعلق بواقع ومستقبل ليبيا السياسي، والتحضير للانتخابات المقبلة.

ثانيًا: خلفيات الاتفاق والأدوار الرئيسية للاعبين الإقليميين والدوليين:

بادءًا ذي بدء؛ من نافلة القول التأكيد على أهمية الاتفاق بالنسبة لمصر، وبالتالي حجم الدور المصري فيه.

ولعل أهمية الاتفاق تبرز في أن المشرف على الملف الليبي في مصر؛ هو رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق أول محمود حجازي، الذي يقود لجنة مكوَّنة من عناصر من وزارة الخارجية والمخابرات العامة، وكذلك من سلاح المخابرات الحربية والاستطلاع، وأطراف مدنية وعسكرية أخرى.

وقبل فترة عملت القاهرة، بالتعاون مع بعض الحلفاء الإقليميين، وعلى رأسهم أبوظبي، من أجل تحقيق هدف مهم في الموضوع الليبي، وهو توحيد الأجنحة السياسية التي يعتبر كلٌّ منها نفسه ممثلاً شرعيًّا لليبيا وشعبها.

ومن بين أهم هذه الأطراف، مما يتمتع بالشرعية القانونية والسياسية اللازمة، برلمان طبرق، الذي يحوز اعترافًا دوليًّا، والفريق الرئاسي، الذي يقوده السرَّاج، والحكومة التابعة له، والتي تُعرف بحكومة الوفاق الوطني.

وبالتالي؛ فقد عملت القاهرة وأبوظبي على جمع السرَّاج وحفتر الذي يُعتبر الذراع الضاربة وعامل التأثير الأقوى لبرلمان طبرق، في أكثر من مرة لإمكان ترتيب اتفاق مبدئي يتعاون بموجبه الطرفَيْن على تحقيق المستهدف المشار إليه، وهو توحيد المؤسسات والأمنية والعسكرية، وكذلك السياسية (التنفيذية والتشريعية) للدولة الليبية، وعلى رأسها المؤسسة الليبية للنفط والمصرف المركزي، باعتبار أنها من أهم من يمكن في مسألة تمويل الأنشطة المرتبطة بالإرهاب.

فلفترة طويلة، ووقت سيطرة ما يعرف حاليًا بحكومة الإنقاذ غير المعترف بها، ويقودها خليفة الغويل، قريب الصلة من محور أنقرة / الدوحة، كانت عائدات النفط واحتياطيات النقد الأجنبي في المصرف المركزي الليبي، أحد أهم مصادر تمويل عمليات شراء السلاح وحشد المقاتلين الأجانب في ليبيا، وخصوصًا القادمين من تونس ومصر، أو الذين سبق لهم القتال في سوريا.

وكان آخر لقاء جمع بين حفتر والسرَّاج قبل لقاء باريس؛ هو ذلك الذي عُقد في أبوظبي في الثاني من مايو الماضي، بعد فشل محاولة سابقة للجمع بينهما في القاهرة قبل ذلك بأسابيع قليلة.

وفي لقاء أبوظبي؛ تم إنهاء الجمود بين الشخصَيْن، وتم التوفيق في وجهات النظر بينهما بشكل مهَّد لـ”اتفاق باريس” الأخير، بل إن ما تم الاتفاق عليه في هذا اللقاء، كان هو تقريبًا ما تم الاتفاق عليه في باريس، باستثناء موضوع تشكيل هيكل جديد اسمه “مجلس رئاسة الدولة” الليبية، يضم كلاً من رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، مع كل من السرَّاج وحفتر.

فقد تم الاتفاق في أبوظبي على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد 6 أشهر من الاتفاق، وحل التشكيلات المسلحة وغير النظامية، ومواصلة محاربة الاٍرهاب.

وحتى ما يتعلَّق بأزمة الجنوب وقضية المهجَّرين والنازحين، والامتثال لجميع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الليبية، والتي تضمنها “اتفاق باريس”؛ جاءت فيما تم الاتفاق عليه في لقاء أبوظبي.

وتُعتبر القاهرة توحيد هياكل الدولة الليبية من أهم ما يمكن من أجل القضاء على أنشطة المسلحين الذين يستهدفون الأمن القومي المصري، وينطلقون من معاقل محددة هناك، مثل “درنة” التي كانت ولا تزال معقلاً مهمًّا لجماعات إرهابية، نفذت عمليات استهدفت الأقباط في مصر، وكانت آخرها حادثة المنيا في السادس والعشرين من مايو الماضي، وقتل نحو ثلاثين قبطيًّا كانوا في طريقهم إلى دير الأنبا صمويل في الظهير الصحراوي للمدينة.

شنت القاهرة على الإثر عمليات عسكرية في العمق الليبي، شملت مناطق في وسط وجنوب ليبيا؛ حيث كانت بعض الأطراف المناوئة لحفتر وبرلمان طبرق، داخل وخارج ليبيا، قد بدأت في توسيع نطاق جبهة المواجهة، وتغيير طرق الإمداد لقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، وسرايا الدفاع عن بنغازي؛ حيث المعركة الأساسية بين حفتر وبرلمان طبرق من جهة، وبين خصومهما في الداخل وفي الإقليم.

وكانت أسوأ صور الصراع على هذه الجبهة؛ جنوب ووسط ليبيا؛ الهجوم الذي قامت به قوة تُعرف بـ”القوة الثالثة لتأمين الجنوب الليبي”، ويقودها أحد المنشقين عن حفتر، ويدعى جمال التريكي، في الثامن عشر من مايو الماضي، ضمن معارك السيطرة على مطار “سبها”، وقاعدة “تمنهنت” الجوية، وكلتاهما كانتا خاضعتَيْن للواء 12 مجحفل التابع للجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر، ويقوده محمد بن نائل، الذي كان يقود عملية عسكرية تُعرَف باسم “الرمال المتحركة”، للسيطرة على المرافق العسكرية المهمة في هذه المناطق.

ولهذه المرافق، وأهمها قاعدة “تمنهنت”، أهمية قصوى في السيطرة على هذه المناطق، ووقف عمليات تهريب السلاح والمقاتلين عبر الحدود الليبية مع كل من تشاد والنيجر؛ حيث يلقى المقاتلون في بنغازي دعمًا مهمًّا من أطراف رسمية وغير رسمية في كلا البلدَيْن، استجابة لبعض الدعم الذي تقود به هيئات عمل “خيري” و”إنساني” قطرية، مثل “مؤسسة قطر الخيرية”، وتركية مثل “هيئة الإغاثة التركية” (تيكا)؛ حيث يتم حفر آبار وتقديم دعم إغاثي لسكان المناطق الصحراوية والنائية.

ويرى مراقبون أن التحركات المصرية في ليبيا، منسقة وموسعة النطاق؛ حيث يضع هؤلاء المراقبون أن التحركات المصرية تشمل كذلك ملف الضغوط الراهنة على قطر، والتي تتهمها القاهرة بأنها مع تركيا، أكبر داعمي الإرهاب في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء.

وبالفعل فإن تقارير أمريكية رسمية وأممية موثوقة، ربطت بين شخصيات موالية للقصر الحاكم في قطر، مثل عبد الرحمن التميمي، تحويلات تمت عبر بنوك لندنية، إلى شخصيات موضوعة على قوائم الإرهاب الأمريكية والأممية، وكذلك الأوروبية.

ولذلك، ساعدت القاهرة قوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر، وتحقق من وراء الدعم المصري لقوات حفتر أن حقق الأخير مجموعة من الانتصارات الحاسمة في الشرق والجنوب الليبيَّيْن؛ حيث حسم الدعم اللوجستي والعمليات المصري على وجه الخصوص، معارك “الجُفرة” و”سبها” في الجنوب، ومعارك بنغازي في شرق ليبيا، مما مثل تأمينًا كاملاً للحدود المصرية الليبية من الجهة الغربية.

وتعتقد دوائر في القاهرة أن أهم آثار الاتفاق في المجال الحيوي القريب، أنه – بالتضافر مع تعطيل آليات قطر وتركيا في دعم الجماعات الإرهابية الموجودة في ليبيا بحسب مراقبين – يضمن حالة من الاستقرار شبه الكامل في الجانب الغربي من الحدود المصرية الليبية.

كما أنه يضمن مصالح مصر الاقتصادية في الأنشطة الجديدة التي تتم في المنطقة العسكرية الغربية، مثل التبادل التجاري مع الليبيين، من خلال المعبرَيْن؛ معبر السلوم ومعبر سيوة الجديد، وهو ما سوف ينعكس في آثاره الأمنية والاقتصادية على مناطق غرب وادي النيل والظهير الصحراوي لمدن الصعيد..

الأثر الثاني، وهو إستراتيجي بعيد المدى؛ فقط ضمن لمصر تثبيت نفسها من جديد كفاعل إقليمي، وكان من الذكاء دمج فرنسا – وإيطاليا لاحقًا – في الأمر؛ لضمان حصول دعم الأوروبيين للجهد المصري، مع تحسين العلاقات مع إيطاليا التي توترت بعد ملف مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة.

كما قدم المصريون للإيطاليين بالحلول التي أوجدوها في ليبيا، معالجةً لأهم ملفات أمنهم القومي المؤلمة في الوقت الراهن، وهو الهجرة غير الشرعية.

وبالفعل؛ فإن التدخل العسكري المحدود لإيطاليا على السواحل الليبية، والذي جاء بطلب من السرَّاج، وأجازه البرلمان الإيطالي في مطلع أغسطس الجاري؛ يهدف بالأساس إلى دعم خفر السواحل الليبي في مواجهة موجات الهجرة غير الشرعية التي تفد عبر المتوسط إلى إيطاليا، والتي ارتفعت بنسبة 33 بالمائة في 2017م.

ويرتبط ذلك بالملف الأهم بالنسبة للأوروبيين، وهو الأمن؛ حيث إن غالبية الحوادث الإرهابية التي وقعت في أوروبا منذ العام 2015م وحتى الآن؛ ارتكبها مهاجرون غير شرعيين، أو مهاجرين من دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ومنها ليبيا والمغرب وأفغانستان.

وحتى بريطانيا، التي لها اتفاقيات سرية مع الجماعات الجهادية، تعمل بموجبها على الأراضي اللندنية بكل حرية (حشد أتباع وانتقالات وتحويلات مالية وحماية قانونية للاجئين منهم الفارين من أوطانهم)، شرط عدم استهداف الداخل البريطاني أو مصالح بريطانيا الحيوية عبر العالم؛ حتى بريطانيا تعرضت لهجمات تورط فيها مهاجرون قادمون من ليبيا والشرق الأوسط.

ثالثًا: “اتفاق باريس” وإستراتيجية المحاور الدولية:

يقود التحرك الإيطالي الأخير إلى نقطة هي غاية في الأهمية في صدد هذا الاتفاق، وهو أنه يعتبر ضمن إطار أكبر، يتعلق بإستراتيجية المحاور الدولية والصراعات الراهنة التي تسود بين القوى الدولية الكبرى من فوق ومن تحت السطح.

بداية في هذا الإطار، ليس من قبيل المبالغة القول بأنه حتى الدور الفرنسي في الاتفاق الأخير؛ للحكومة المصرية دور فيه.

فقبل اللقاء الأخير بين السرَّاج وحفتر، ذكرت تقارير رسمية مصرية أن القاهرة عرضت خطة متكاملة على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتوحيد الحكم في ليبيا، ثم جرى لقاء حفتر والسرَّاج، و”إعلان باريس” بهذا المعنى بالضبط.

وهو ما يفسر تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان التي قال فيها في حينه، إن العلاقات المصرية الفرنسية في الوقت الراهن “في أقوى حالاتها”.

وفي حقيقة الأمر؛ فإن باريس، محور شديد الأهمية لاستبعاد الأطراف المدعومة من لندن والمحور الأنجلو ساكسوني، في المعادلة الليبية.

فخلال أشهر الحرب الأهلية الليبية، وحتى الإطاحة بالقذافي، وإلى الآن؛ تمثل لندن والشخصيات المدعومة منها أو من جانب الإدارة الأمريكية وقت الرئيس السابق باراك أوباما، أو من حلفائهم في الإقليم، كأنقرة والدوحة، مثل عبد العزيز بلحاج، والإخوان المسلمين؛ محور تحريك الأحداث في لييبا.

ومن خلال تقارير عدة نشرها موقع “بي. بي. سي”، فإن معادلة السياسة والحكم في ليبيا، في مرحلة ما بعد القذافي، رُسمت بموجب سلسلة من اللقاءات التي عقدها خصوم القذافي في لندن والدوحة على وجه التحديد، حتى قبل الإطاحة به، خلال العمليات التي شنها حلف شمال الأطلنطي “الناتو” لدعم الانتفاضة ضد القذافي.

ومؤخرًا بثَّت هيئة الإذاعة البريطانية، حلقة وثائقية مهمة ذكرت فيه كل ذلك، بل إنها قالت إن “الثورة الليبية” كانت مخططة من جانب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي. آي. إيه” لاستكمال عملية بدأت قبل ثلاثين عامًا من الفوضى التي اندلعت في ليبيا للإطاحة بالقذافي. هكذا قيل نصًّا في هذا الوثائقي، وتم فيها المزج بين متطلبات إنهاء هذه العملية، وبين متطلبات تدعيم مخطط الفوضى الهدامة الذي دعت إليه كوندوليزا رايس في العام 2004م.

الطرف الوحيد القادر ولديه رغبة في معادلة نفوذ محور الشر الأنجلو ساكسوني هذا، وحلفائه في المنطقة، هو الاتحاد الأوروبي؛ فالأوروبيون يرون في سياسات المحور الأنجلو ساكسوني مساعٍ لإضعافهم، وزاد من هذه الشكوك والريب بين الطرفَيْن، الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي والذي كاد أن يزعزعه، فيما لو كانت قوى اليمين المتطرف قد وصلت إلى الحكم في الانتخابات البلدية والعامة والرئاسية التي جرت في دول أوروبية مؤثرة في الأشهر الأخيرة، مثل فرنسا والنمسا وهولندا.

فهذه القوى القومية بالأساس، تشجعت في دعواتها للخروج بدورها من الاتحاد الأوروبي، بالخطوة البريطانية، وبوصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

كما أنها الأكثر تضررًا في ملفَيْ الأمن والهجرة غير المشروعة، بسبب الأزمات التي أدت إليها سياسات إدارة أوباما في المنطقة، استغلالاً لما يُعرَف بالربيع العربي.

ونفس ما يُقال عن فرنسا التي عرفت أكبر عدد لضحايا الإرهاب في أوروبا منذ اندلاع احتجاجات 2011، (250 قتيلاً منذ هجوم “تشارلي إيبدو” في السابع من يناير من العام 2015م)؛ يُقال عن إيطاليا التي تعاني كما تقدم من موضوع الهجرة.

إلا أن التدخل الإيطالي له حساسياته التي قد تفتَّ في عضد الاتفاق. فهي أولاً قوة استعمارية قديمة يكره الليبيون تواجدها العسكري في بلادهم بسبب ميراث روما الاستعماري البغيض الذي ارتكب مجازر في حق أبناء الشعب الليبي.

ولكن لو تجاوزنا هذه النقطة؛ فإننا سوف نقف إلى أن الإجراء الإيطالي قد يعطل الاتفاق بالفعل من خلال حفتر وطموحاته الشخصية.

فحفتر يرغب في السيطرة على ليبيا، بينما داعموه يدركون أن أحد أهم أسباب الأزمة هو إقصاء من ورثوا الحكم من القذافي، لباقي المكوِّن الليبي، بما في ذلك القبائل والقوى المحلية التي كان القذافي يستند إليها، وربما كان ذلك سبب سقوط الإسلاميين في ليبيا.

فالوجود العسكري الإيطالي، وفق مراقبين؛ يراه حفتر معوقًا له في تطلعه لعملية عسكرية واسعة النطاق يسيطر فيها على طرابلس.

وهو تصور خطير منه؛ فإذا كان غير قادر على السيطرة على كامل بنغازي – للآن؛ أحياء قنفوذة والصابري، ليست تحت سيطرته بالكامل بالرغم من إعلانه السيطرة على كامل المدينة قبل أسابيع – فكيف سوف يكون قادرًا على القيام بعملية عسكرية إلى طرابلس نفسها، والمحاطة بقوى عسكرية كبيرة تناوؤه، ويمر في حملته على مدن بها حاميات عسكرية قوية معادية له، مثل “درنة”، بالإضافة إلى أنه كلما أوغل غربًا؛ ضعفت قدرة الطيران المصري والقوات المصرية على دعمه لوجستيًّا؟!

بطبيعة الحال؛ هي عملية مستحيلة، وهو غير قادر عليها. ولولا التدخل العسكري المصري الأخير بعد حادثة المنيا؛ لكان حفتر قد انتهى فعليًّا؛ حيث كانت سوف تطير مناطق الجنوب الليبي بالكامل من قبضته، وهو ما كان سوف يدعم خصومه في بنغازي ذاتها.

رابعًا فرص الاتفاق ومستقبله:

هناك عوائق عدة، بجانب مشكلة التدخل الإيطالي، والذي جاء بطلب من السرَّاج، مما سوف يزيد من الرِّيَب لدى حفتر في شأن غرض السرَّاج الحقيقي منه؛ حيث يرى حفتر أن السرَّاج يحصن نفسه بهذه الخطوة بينما لا يرى مراقبون ذلك؛ فلو اندلعت الحرب بين الطرفَيْن؛ فسوف يجبر البرلمان الإيطالي حكومته على سحب القوة البحرية الإيطالية الصغيرة من طرابلس.

من بين هذه العوائق، طموحات حفتر ذاته، بينما حلفاؤه لا يوجد لديهم بديل له، وفي حالة مصر؛ فإن حفتر بمثابة ضمانة لمصالح أمن قومي في منتهى الأهمية، وبالتالي؛ فإن القاهرة قد تضطر إلى الموازنة بين كبح جماحة وبين دعمه، بميزان دقيق.

ولكن العقبة الأهم برأي البعض؛ هي الأطراف التي تولت زمام الأمور في ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي، وترى أن حكومات في الإقليم، مثل القاهرة والرياض وأبوظبي، قد تآمرت على الإطاحة بها، باعتبار أن هذه القوى من الإسلاميين، والإخوان المسلمين بالتحديد.

فهذه القوى، لا تزال تحتفظ بوجود عسكري وسياسي قوي في طرابلس نفسها، وجزء منها له ظهير مجتمعي وحزبي معترف به، مثل حزب البناء والتنمية المحسوب على الإخوان المسلمين، كما أنها لا تزال تحصل على دعم من حلفائها في قطر وتركيا، ومن وراءهم.

ومن آنٍ لآخر؛ نسمع عن قيام قوات أمنية وعسكرية تابعة لخليفة الغويل، باحتلال مقار سيادية مثل مجلس الدولة والهيئة التأسيسية، وبالتالي؛ فهي وفق مقتضى الأمر الواقع، حتى لو غاب عنها الاعتراف الدولي؛ فهي ذات تواجد حقيقي، وتحظى حتى بدعم خفي من الجزائر المجاورة، التي لنظامها مصالح مهمة مع الإخوان المسلمين، وتعتبرهم نقطة توازن مع الإسلاميين الآخرين الأكثر راديكالية في الجزائر التي لم تتعافى بعد من العشرية السوداء في التسعينيات.

كما أن القوى الدولية التي استثمرت الكثير في معادلة الخراب في ليبيا، وخصوصًا لندن وحلف شمال الأطلنطي (الناتو)؛ قد تتحرك بشكل مباشر أو غير مباشر لإفشال الاتفاق وأية إجراءات تم الاتفاق عليها، وخصوصًا الانتخابات.

وفي الأخير؛ تبقى جميعها تكهنات، أما ما سوف يحدث؛ فالأيام وحدها هي الكفيلة بالإجابة عليه.

———–

أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
يوليو21
العراق و«داعش» ما بعد الموصل.. أي مستقبل ومصير؟

العراق و«داعش» ما بعد الموصل.. أي مستقبل ومصير؟

ما بين متشائم ومتفائل؛ تجري الأقلام بالتحليلات حول مستقبل تنظيم الدولة “داعش”، بعد إعلان الحكومة العراقية، عن انتهاء عملية “قادمون يا نينوى” التي كانت تستهدف ضمن ما تستهدفه، “تحرير” مدينة “الموصل”، من قبضة تنظيم الدولة “داعش”، الذي لا يزال إلى الآن، بالرغم من كل ما هو معلن ومكتوب ومسجَّل بالصوت والصورة؛ أحد أكثر الظواهر السياسية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي، غموضَا في العصر الحديث.

وبكل تأكيد، تبقى معركة “الموصل” أحد أهم التطورات السياسية التي شهدتها منطقة المشرق العربي، وربما العالم بأسره كما سوف نرى؛ حيث أدت إلى مجموعة من التطورات التي سوف تمس الإقليم بالكامل في إطاره السياسي والنظمي، وكذلك الظواهر الأمنية ذات الأبعاد السياسية المتصلة بنشاط “داعش” في أوروبا وعدد من مناطق العالم الأخرى، كما وقع في باكستان وأفغانستان والفلبين.

وعلى أبسط تقدير؛ فإن هذا التطور الكبير يتربط بأكثر من قضية تمثل عصب السياسة الإقليمية والعالمية في الوقت الراهن، أولها الإرهاب ونشاط الجماعات السلفية الجهادية، والذي بات يشمل مختلف أنحاء العالم (على مستوى تنظيم “داعش” فحسب؛ هناك 50 تنظيمًا فرعيًّا أعلنت ولاءها له، وشكَّلت ما يعرف بولايات للتنظيم الأم في أماكن وجودها).

الملف الثاني، أو القضية الثانية التي يرتبط بها هذا التطور، هي تلك المتعلقة بمستقبل المشروع الإيراني في المنطقة، ويتربط بذلك، أثر ما جرى في الموصل على الأوضاع في سوريا، والحرب الدائرة هناك، والتي دخلت عامها السابع في مارس الماضي، وخصوصًا فيما يتعلق بمعركة “الرقة” و”دير الزور”، آخر ما تبقى من مدن كبيرة يسيطر عليها التنظيم في الشرق الأوسط.

ومن المعروف أن ذلك له اتصال بالملف الكردي في سوريا، الذي يرتبط بدوره بالملف الكردي في كل من العراق وتركيا، وكذلك مستقبل النظام السوري.

في العراق، فإن أهم مجالات البحث، هي مستقبل العرب السُّنَّة، وكذلك أثر “الانتصار” المتحقق في الموصل على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والائتلاف الشيعي الحاكم.

وفي هذا الإطار؛ تحاول هذه الورقة سبر غور التداعيات الكثيفة لانتهاء معركة الموصل لصالح الدولة العراقية، وأثرها في مختلف هذه الاتجاهات السابق الإشارة إليها.

———–
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
يوليو16
الفكر السياسي في القرن العشرين –  الجزء الأول

الفكر السياسي في القرن العشرين – الجزء الأول

عمل مرجعي يقدم رؤية شاملة لتطور الفكر السياسي من أواخر القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين، شارك في إعداده فريق من المفكرين وحرره باحثان متخصصان، ويغطي نشأة دولة الرفاهة وردود الفعل عليها والنقد الفاشي والشيوعي للديمقراطية الليبرالية والبدائل المطروحة.

ويعرض للأشكال الجديدة للتنظيم السياسي التي جاءت بها الانتخابات الجماهيرية والحركات الاجتماعية الجديدة والتفاعل بين تراث الفكر السياسي الغربي وغير الغربي والخطر الذي تمثله العولمة.

يضم هذا المجلد دراسات عن نشأة دولة الرفاهة، والسياسة، والأسواق، وصعود الجماهير، وظهور النظرية الحديثة للديمقراطية، والقومية، والاستعمار، والفاشية، والعرقية، والمحافظة، والديمقراطية المسيحية ونقاد الشمولية، والمدارس الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية، والثورة الروسية، والشيوعية الآسيوية، والماركسية الغربية والماركسية الفرنسية (من الوجودية إلى البنيوية).

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
يوليو13
الإخوان المسلمون وأزمات المنطقة.. أي مستقبل؟

الإخوان المسلمون وأزمات المنطقة.. أي مستقبل؟

كانت الفترة التي تلت الانتفاضات الشعبية – الموجَّة في الغالب – التي عُرِفت باسم “الربيع العربي”، انعطافة حادة وغير متوقعة كذلك، بالنسبة لتيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة “الإخوان المسلمون”.
ولأن كانت هذه الانعطافة في بدايتها إيجابية، بحيث وصلت بجماعات إسلامية عدة – ولكن من خلال الإخوان المسلمين أساسًا – إلى الحكم ومناطق النفوذ والتأثير؛ فإنها بعد ذلك، تحولت إلى ما يُعرف في العلوم العسكرية، بـ”منطقة قتل”؛ حيث شهدت التجربة، وبالذات بعدما جرى في مصر في العام 2013م، الكثير من النكوصات.

ولكن، وقبل تناول ما نريد أن نتناوله في هذا الموضع، في صدد أثر التطورات الداخلية، وكذلك الإقليمية والدولية على واقع تيار ما يُعرف بالإسلام السياسي، أو الجماعات الدينية، وبخاصة الإخوان المسلمين؛ فإنه تجب الإشارة إلى أن هذه النكوصات لا تتعلق فقط بأثر سياسات أنظمة وحكومات الممانعة ضد الإخوان ومشروع “الإسلام السياسي” وجماعاته؛ وإنما تتعلق كذلك بأداء هذه الجماعات، وسياسات الإخوان المسلمين في فترة التمكين كما تُعرَف في أدبياتهم.

بدأ الربيع العربي بنتائج متباينة وإن كانت إيجابية بشكل عام بالنسبة للإخوان المسلمين؛ حيث وصل الإخوان إلى الرئاسة ورئاسة الحكومة في دول عربية عدة، من بينها مصر وتونس وليبيا والمغرب، والثلاثة الأولى من أيقونات الحالة الثورية التي جرت في العالم العربي، بجانب أنهم أصبحوا شريكًا مهمًّا في المنظومة السياسية في اليمن، في مرحلة ما بعد انتفاضة فبراير 2011م.

في المقابل خسروا أرضًا واسعة كانوا قد استحوذوها في الحالة السياسية والاجتماعية في دول الخليج العربي، عدا قطر، في العقود الماضية؛ وبدأت ملكيات وإمارات الخليج الوراثية تتخوف من أن يسعى الإخوان المسلمون هناك إلى تكرار تجربة مصر وتونس وغيرها من بلدان ما يُعرف بـ”الربيع العربي” هناك، وفق نظرية “حجر الدومينو”.

وبالتالي؛ فقد بدأت بعض هذه العواصم في التضييق على أنشطة الإخوان على أراضيها، وكان – وليس في الأمر أي تناقض – هذا التضييق في أوجه، في فترة وجود الإخوان في مقاعد الحكم في مصر وتونس، باعتبار أن كلا البلدَيْن كانا في حينه مصنَّفان باعتبارهما “أيقونة الربيع العربي”، وكانت الحالة الإخوانية في أقصى اتساع نشاطها، وكانت فكرة نقل التجربة إلى دول الخليج؛ قائمة وبقوة.

ولعل الإخوان المسلمين في هذا التخطيط، كان لديهم “بُعد نظر”، وأثبتت الحوادث التي تلت ذلك صحة وجهة النظر هذه؛ وكانت لديهم قناعة بأنه إذا ما استمرت ملكيات ومشيخات الخليج الوراثية بأنظمتها الحاكمة الحالية على هذا النحو؛ فإنه لا استقرار للأنظمة الجديدة التي أفرزتها الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية التي شهدتها.

وهذا تقييم موضوعي، ولا يتعلق بموقف قيمي من هذا الطرف أو ذلك، ومنه يمكن فهم دعم عواصم خليجية، مثل الرياض وأبوظبي على وجه الخصوص، لأنشطة وسياسات هدفت إلى إسقاط الإخوان والحكومات التي تعبر عنهم في بعض دول “الربيع العربي”.

وانطلق ذلك من قناعة أو حقيقة موضوعية بدورها، ومهمة، وهي أن الإخوان المسلمين طيلة العقود الماضية، استطاعوا من خلال منظومة من الإستراتيجية الاجتماعية والإعلامية والسياسية؛ أن يتحولوا إلى بديل حكم حقيقي في الكثير من البلدان العربية.

وعبَّرت هذه الحالة عن كفاءة سياسية وتنظيمية في واقع الأمر لدى الإخوان المسلمين، ومرونة كبيرة مكنتهم من كسب دعم عواصم دولية كبرى فاعلة في الشرق الأوسط، مثل لندن وواشنطن وبرلين، وذلك من خلال ملفَّيْن أساسيَّيْن، الأول هو المساعدة– الأمنية والمجتمعية من خلال الأطر التنظيمية للإخوان، مثل الجمعيات الإسلامية والأطر العلمائية التابعة لهم – في مكافحة الفكر المتطرف، والتحوُّل إلى محطة للإنذار المبكر للإنشطة الإرهابية العنيفة.

الملف الثاني، هو المساعدة– من خلال ذات الأطر– في دمج المهاجرين الجدد القادمين من بلدان الأزمات في الشرق الأوسط، وهو ملف أمن قومي مهم لدى الدول الغربية، والأوروبية بالذات.

في المقابل؛ مثَّل الوجود الاجتماعي والسياسي والكادر التنظيمي للإخوان بكل ما يتضمنه من قدرة على تحريك الشارع؛ فرصة مهمة للدول الكبرى من أجل ممارسة ضغوط على الحكومات والأنظمة العربية، في لعبة معروفة من جانب الغرب، منذ خروج الاستعمار المباشر من بين ظهرانيي الأمة.

وفي السياق؛ كان من المُستغرَب لدى الكثير من المتابعين سوء التقدير الذي لازم الإخوان المسلمين – وخصوصًا في مصر – لحقيقة الصورة، بحيث وقعت الجماعة في الكثير من الأخطاء التي توالت – بمنطق “نظرية الدومينو” كذلك – أدت إلى حالة الأزمة الراهنة التي طالت حتى التنظيم نفسه، سواء على مستوى التنظيمات القُطْرية، كما في مصر والأردن، وكذلك في المغرب بدرجة أقل – بعد تشكيل حكومة العثماني التي شعر الإخوان هناك فيها بالغبن– أو على مستوى التنظيم الدولي ذاته؛ الذي لم يعد برموزه، قادرًا على الحركة مثل سابق عهده.

في هذا الإطار، تناقش هذه الورقة معالم الأزمة الراهنة التي تواجه الإخوان المسلمين، سواء على المستوى القُطْري والإقليمي في عالمنا العربي، أو على المستوى الدولي، في ظل الاستحقاقات العديدة التي أفرزتها التطورات الآنية، وخصوصًا في مصر؛ باعتبار أن تنظيم الإخوان هناك، هو التنظيم الأم، وله رمزية ومكانة لائحية حاكمة، وكذلك على المستوى الإقليمي والدولي، وخصوصًا في سياق الأزمة الراهنة بين قطر – أحد أهم رعاة الإخوان الإقليميين في الوقت الراهن – وبين خصوم الإخوان الأهم والأقوى، مثل مصر والإمارات والسعودية، ومع كون الإخوان هم أحد أهم عناصر هذه الأزمة.
———–
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
يونيو30
سياسات البشير الإقليمية.. هل تحل أزمات السودان أم تعقدها؟

سياسات البشير الإقليمية.. هل تحل أزمات السودان أم تعقدها؟

شهدت الفترة الأخيرة العديد من التطورات في السياسات الرسمية السودانية، وبمعنىً أدق، سياسات الرئيس السوداني عمر البشير، في العديد من الملفات والشؤون الداخلية والخارجية، قادت إلى وضع غير مريح بحسب تعبير المحللين السياسيين، بالنسبة للمصالح الحيوية السودانية، في وقت تعاني فيه السودان من الأصل، من مشكلات سياسية وأمنية عديدة.

وبشكل موضوعي بحت؛ فإن غالبية هذه السياسات تتمحور حول مصر والشؤون المرتبطة بالعلاقات المصرية السودانية.

فبشيء من التدقيق؛ يمكننا الوصول إلى هذه النتيجة، فحتى فيما يتعلق بعلاقات السودان الإقليمية، واتجاهات سياساته الخارجية؛ سوف نجد الشأن المصري حاضرًا بقوة.

فلو تأملنا القرارات الأهم والأبرز في السياسة الخارجية السودانية خلال الفترة الأخيرة؛ فإننا سوف نجد البُعد المصري حاكمًا لها، مثل تحسين العلاقات مع قطر، والممانعة السودانية للسياسات المصرية في ملف سد النهضة، وفي ملف حوض النيل بشكل عام، كما بدا في القمة الأخيرة التي عُقدت في أوغندا يوم 22 يونيو، ولم يحضرها الرئيس السوداني عمر البشير، ومنع دخول المنتجات الزراعية المصرية، والتي تشكل 40 بالمائة من صادرات السودان من الحاصلات الزراعية.

ولا يعود ذلك إلى أن البشير – كما يتهمه بعض خصومه في القاهرة أو في غيرها من العواصم العربية – يلعب دورًا وظيفيًّا لحساب الإخوان المسلمين والحكومات الحليفة في المنطقة، وإنما في حقيقة الأمر؛ فإن جانبًا كبيرًا من الأمر يعود إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بين مصر والسعودية في أبريل من العام 2016م، والتي أقرها مجلس النواب المصري في يونيو 2017، وبمقتضاها تحصل السعودية على السيادة على جزيرتَيْ تيران وصنافير الإستراتيجيتَيْن.

كانت هذه الاتفاقية مفصلاً مهمًّا في تحولات المواقف والسياسات السودانية في العلاقات مع مصر، وبدرجة أقل مع المملكة العربية السعودية.

وتحاول هذه الورقة أن تركز على حزمة السياسات التي تبناها الرئيس السوداني عمر البشير خلال الأشهر الأخيرة، والتي تزامنت مع تطورات إقليمية هي الأهم فيما يتعلق بالدوائر التي يتحرك في إطارها السودان في مجاله الحيوي؛ سعيًا إلى الإجابة على التساؤل الذي طرحته هذه الورقة منذ البداية، وهو هل تفيد سياسات البشير في الإقليم، في معالجة أزمات بلاده، أم أدت إلى تعقيدها.
—————–
*أحمد محمود التلاوي، باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية

لقراءة وتحميل الموضوع كاملا
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
  • 6
  • 7
  • 8
  • …
  • 32
  • 33

استطلاعات الرأي

هل ينجح اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي على الأرض؟

عرض النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...
  • أرشيف الاستطلاعات
  • الصفحة الرئيسية
  • دراسات وابحاث
  • تقارير ومقالات
  • كتب
  • قياس رأي
  • ترجمة
  • وثائقيات
  • فعاليات وانشطة
  • اصدرات المركز
  • تواصل معنا
  • اقتصاد وتنمية
  • EnglishEnglish

All Rights Reserved © samstudies.com 2016 Design by entejsites