أحمد التلاوي:
تملك اليمن من المقومات السياسية والاجتماعية، الكثير مما يمكن البناء عليه في طريق تحقيق الوحدة الوطنية بين المجموع اليمني، الذي لديه من الخصائص ما يمكن من خلاله الوصول إلى صيغة للعيش المشترك، تحافظ على الدولة، وتعمل على تحقيق خطط التنمية التي تنتقل بالمواطن اليمني إلى آفاق أرحب، وأفضل.
ومن بين أهم هذه المقومات، هو التماسك المجتمعي، والطبيعة النفسية والسلوكية للمواطن اليمني ذاته، وطبيعة جيوسياسية اليمن، التي يمكن أن تساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي بين أقاليم الدولة المختلفة، مع امتلاك بعض هذه الأقاليم للطاقة ومصادر الثروة النفطية، وامتلاك البعض الآخر لمعايير الوفرة الزراعية، وامتلاك أطراف ثالثة للدولة، لإمكانيات بحرية هائلة، بها الكثير من المنافع الاقتصادية التي يمكن أن تجعل اليمن سعيدًا من جديد، كما كان عبر تاريخه.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن أهم ما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد، وبشكل مبدأي؛ هو أن العمل على تحقيق الوحدة الوطنية داخل الدولة اليمنية، ينطلق من تحقيق الوحدة داخل المجتمع اليمني، الذي هو ضمانة بقاء الدولة بباقي مكوناتها المتعارف عليها، وهي الأرض والحدود والسيادة، أو ما يُعرف بالإقليم الجيوسياسي المعروف باسم “دولة اليمن”.
وهذا الأمر ينبني على أساس راسخ يقوم عليه كل هذا البنيان المعقد في تركيبه وطبيعته، وهو أن يصل اليمنيون، سواء على مستوى الأفراد أو المجموعات، السياسية/ القبلية، إلى آخر المكوِّن اليمني، إلى قناعة مفادها، أن الوحدة الوطنية، هي مصلحة مشتركة لهم جميعًا، وهي الضمانة الأساسية لتحقيق مصالحهم، وكذلك أمانيهم وطموحاتهم لغد أفضل، وحياة أكثر أمانًا واستقرارًا وتطوُّرًا، بما يضمن حقوق الأجيال القادمة في التنمية والاستقرار.
في هذا الإطار، تحاول هذه الورقة، التي هي أقرب إلى ورقة سياسات، وضع إطار عمل تطبيقي، له مجالاته الزمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، المتعددة الأبعاد، من أجل توضيح كيفية توظيف ممكنات اليمن في مختلف هذه المجالات والاتجاهات، في اتجاه رسم استراتيجية عمل متكاملة لتحقيق الوحدة الوطنية في اليمن.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية