مركز سام للدراسات الإستراتيجية:
تُعتبرمسألة تحقيق السلم الأهلي، من بين أشق المهام التي تواجه أية دولة – بالمعنى السياسي والمؤسسي – وأي مجتمع في مرحلة ما بعد الأزمات المسلحة.
فالأزمات المسلحة – أيًّا كان وجهها ومصدرها–تقود إلى مجموعة من النتائج السلبية على مستوى بنية المجتمع والدولة، في مختلف الاتجاهات، ولاسيما لو كانت هذه الأزمات المسلحة تشمل حمل بعض المكوِّن السياسي والمجتمع الموجود في أي بلد، للسلاح في وجه مكونات أخرى.
وفي هذا الإطار، تنصب جهود ما بعد الحروب والصراعات الأهلية، في أي بلد، في الغالب، على عملية تحقيق المصالحات الداخلية.
وفي حالة اليمن؛ فإن هناك مُركَّبات معقدة للصراع الحالي، بالرغم من أنه لم يتحول إلى حرب أهلية بالمعنى الصريح، في ظل افتقاد اليمن للعوامل المساعدة على هذه النوعية الأصعب من الصراعات.
ويعود هذا التعقيد إلى التنوُّع الكبير في أطراف الصراع والأزمة الراهنة في اليمن، أولاً، وما سمحت به الحرب – ثانيًا – في صدد دخول أطراف أخرى في المشهد اليمني المعقد، من الخارج، وعلى رأسها تنظيم الدولة “داعش”، الذي بدأ يتحول في الآونة الأخيرة إلى فاعل مؤثر في الساحة اليمنية.
كما أن هذا التعقيد، يعود في جانب منه، إلى وجود المال والإسناد السياسي من جانب بعض الأطراف الإقليمية والدولية، ولاسيما السعودية وإيران والولايات المتحدة، إلى بعض الأطراف داخل اليمن، من أجل العمل على إطالة أمد الأزمة، وهو ما يصب – بطبيعة الحال – في عكس صالح أية محاولة تتم لتحقيق السلم الأهلي في اليمن.
وتحاول هذه الورقة أن تناقش مجموعة العوامل التي ساهمت في انزلاق اليمن إلى حالة الأزمة الراهنة، والتي هي داخلية في قسم كبير منها، وكيفية العمل على تجاوزها، وبالتالي، السعي إلى تحقيق السلم الأهلي، بمختلف اتجاهاته، بما في ذلك إعادة توحيد الدولة اليمنية المنقسمة الآن فعليًّا، سياسيًّا وجهويًّا أو جغرافيًّا.
وتعود أهمية دراسة العوامل التي ساهمت في الإخلال بواقع السلم الأهلي والسياسي في اليمن، والذي ظل مستمرًا لقرون طويلة من الزمن، تجاوز خلالها المجتمع اليمني، ثم الدولة اليمنية، الكثير من الأنواء والعواصف، إلى أن توصيف المشكلة، هو أحد أهم عوامل معالجتها.