*أحمد التلاوي:
من بين القضايا التي تشغل بال صانع القرار، والمجتمع اليمني على حد سواء، هي قضية انتشار الفكر المتطرف، والجماعات التكفيرية التي تتبنى العنف نهجًا لها، في ظل ما يؤكده الواقع، من أن اليمن لا يملك الحاضنة الاجتماعية أو الفكرية التي يمكن لها أن تؤسس وجودًا راسخًا لهذه الجماعات.
ويعود مكمن الخشية الأساسي، من أن تقود الأزمة الحالية التي تعيشها اليمن، بسبب الحرب، وضعف السلطة المركزية، وتعطُّل منافذ التنشئة والتلقين المختلفة، ولاسيما الأطر المسؤولة عن التعليم والمؤسسات الدينية الرسمية؛ أن تقود إلى المزيد من التمكين لهذه النوعية من الأفكار، وبالتالي، الجماعات التي تتبناها، داخل المجتمع اليمني.
وزاد من ضرورة البحث عن معالجة آنية لهذه المسألة، هو دخول تنظيم الدولة “داعش”، إلى صورة المساحة “الجهادية” في اليمن، بسبب حالة الفوضى التي خلفتها الحرب، واستغلالاً من جانب بعض الأطراف الإقليمية والدولية للواقع الراهن في اليمن، من أجل وضعه على أجندة مخطط الفوضى الهدامة الذي يشمل المنطقة العربية بالكامل.
وفي هذا الإطار، تناقش هذه الورقة مجموعة من التساؤلات حول هذا الملف الذي يمكن اعتباره أولوية مهمة من جانب المعنيين بحاضر ومستقبل اليمن، وعلى رأسها، حقيقة النشأة والأهداف، وهوية القيادات الراهنة للتنظيم في اليمن، باعتبار أن هذه النقطة توضح الكثير من خلفيات الموقف، وسبل المواجهة والمكافحة.
وتنطلق الورقة من فرضية أيدها الواقع، سواء في الأزمة اليمنية، أو في أزمات الإقليم الأخرى، من أن “داعش” تنظيم وظيفي، أسسته ودعمته أطراف مختلفة في الإقليم، وفي المجال الأنجلو ساكسوني الذي يستهدف المنطقة العربية، كإحدى أوراق الصراع السياسي ولتبرير التدخل العسكري في البلاد العربية، ومن بينها اليمن.
————–
*أحمد التلاوي باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الاستراتيجية