ما بين متشائم ومتفائل؛ تجري الأقلام بالتحليلات حول مستقبل تنظيم الدولة “داعش”، بعد إعلان الحكومة العراقية، عن انتهاء عملية “قادمون يا نينوى” التي كانت تستهدف ضمن ما تستهدفه، “تحرير” مدينة “الموصل”، من قبضة تنظيم الدولة “داعش”، الذي لا يزال إلى الآن، بالرغم من كل ما هو معلن ومكتوب ومسجَّل بالصوت والصورة؛ أحد أكثر الظواهر السياسية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي، غموضَا في العصر الحديث.
وبكل تأكيد، تبقى معركة “الموصل” أحد أهم التطورات السياسية التي شهدتها منطقة المشرق العربي، وربما العالم بأسره كما سوف نرى؛ حيث أدت إلى مجموعة من التطورات التي سوف تمس الإقليم بالكامل في إطاره السياسي والنظمي، وكذلك الظواهر الأمنية ذات الأبعاد السياسية المتصلة بنشاط “داعش” في أوروبا وعدد من مناطق العالم الأخرى، كما وقع في باكستان وأفغانستان والفلبين.
وعلى أبسط تقدير؛ فإن هذا التطور الكبير يتربط بأكثر من قضية تمثل عصب السياسة الإقليمية والعالمية في الوقت الراهن، أولها الإرهاب ونشاط الجماعات السلفية الجهادية، والذي بات يشمل مختلف أنحاء العالم (على مستوى تنظيم “داعش” فحسب؛ هناك 50 تنظيمًا فرعيًّا أعلنت ولاءها له، وشكَّلت ما يعرف بولايات للتنظيم الأم في أماكن وجودها).
الملف الثاني، أو القضية الثانية التي يرتبط بها هذا التطور، هي تلك المتعلقة بمستقبل المشروع الإيراني في المنطقة، ويتربط بذلك، أثر ما جرى في الموصل على الأوضاع في سوريا، والحرب الدائرة هناك، والتي دخلت عامها السابع في مارس الماضي، وخصوصًا فيما يتعلق بمعركة “الرقة” و”دير الزور”، آخر ما تبقى من مدن كبيرة يسيطر عليها التنظيم في الشرق الأوسط.
ومن المعروف أن ذلك له اتصال بالملف الكردي في سوريا، الذي يرتبط بدوره بالملف الكردي في كل من العراق وتركيا، وكذلك مستقبل النظام السوري.
في العراق، فإن أهم مجالات البحث، هي مستقبل العرب السُّنَّة، وكذلك أثر “الانتصار” المتحقق في الموصل على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والائتلاف الشيعي الحاكم.
وفي هذا الإطار؛ تحاول هذه الورقة سبر غور التداعيات الكثيفة لانتهاء معركة الموصل لصالح الدولة العراقية، وأثرها في مختلف هذه الاتجاهات السابق الإشارة إليها.
———–
أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية