* “بعد توالي الاستقالات من الإدارة الأمريكية.. هل يأتي الدور على ترامب؟!”.. في حقيقة الأمر؛ فإن هذا السؤال الذي طرحته بعض وسائل الإعلام ومراكز البحوث، وعنونَتْ به تقاريرها، من المشروعية بمكان، بحيث بالفعل يمكن النظر إليه باعتباره تنبؤًا، أو على أقل تقدير، احتمال قريب، قد يحدث، ويتكرر معه ذات سيناريو الأزمة التي واجهتها الولايات المتحدة في السبعينيات الماضية، فيما عُرِف بفضيحة “ووتر جيت”، عندما تورط الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون في فضيحة تنصت على خصومه الديمقراطيين.
فمنذ أن تولى ترامب سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، وقد خسر فريقه الرئاسي حوالي 14 شخصية من أهم أركان إدارته، وكان آخرهم مدير الاتصالات في البيت الأبيض، أنتوني سكاراموتشي الذي غادر منصبه، إقالةً أو استقالة، بعد مرور 10 أيام فقط من توليه منصبه هذا، بعد تولي وزير الأمن الداخلي السابق، جون كيلي، منصب كبير موظفي البيت الأبيض؛ حيث لا تُعتبر العلاقة فيما بينهما مثالية تمامًا لأن يقوم بينهما تعاونًا بناءً على المستوى المهني بأي شكل من الأشكال.
وبطبيعة الحال؛ لا تُعتبر هذه التطورات المتلاحقة التي يشهدها البيت الأبيض، بيئة عمل صحية يمكن معها إنجاز سياسات سليمة، واتخاذ قرارات فعالة، ولاسيما في القضايا الكبيرة التي تتعلق بمصالح الأمن القومي الأمريكية.
وتحاول هذه الورقة في هذا السياق، دراسة حالة الارتباك المؤسسي التي تعاني منها الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن على مستوى القمة، في البيت الأبيض، وكيف قاد ذلك إلى تسلم المؤسسات القومية الأهم وفق الدستور الأمريكي، مثل وزارتي الدفاع (البنتاجون) والخارجية، إدارة سياسات الولايات المتحدة في الملفات الأهم، داخليًّا وخارجيًّا، ومن بينها قضايا وأزمات الشرق الأوسط.
———–
*أحمد التلاوي: باحث مصري في شئون التنمية السياسية، وكاتب أساسي في مركز سام للدراسات الإستراتيجية